منفعتان تجب الدية بذهاب كل واحدة منهما منفردة، فإذا اجتمعتا وجبت ديتان كالسمع والبصر. ولا أن الدية تجب إذا ذهب مشيه، ولان المشي منفعة جليلة فأشبه السمع والبصر، وإن لم يذهب المشي ولكن احتاج في مشيه إلى عكازة وجب فيه حكومة، وان لم يحتج إلى عكازة ولكنه يمشى مشيا ضعيفا وجبت عليه حكومة أقل من الحكومة الأولة، وان عاد مشيه كما كان إلا أن ظهره أحدب لزمته حكومة للشين الحاصل بذلك، فإذا كسر صلبه فذهب جماعه وجبت عليه الدية، لأنه روى ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم ولا تخالف لهم، ولأنه منفعة جليلة فشابه السمع والبصر وان كسر صلبه فذهب ماؤه فقد قال القاضي أبو الطيب الذي يقتضى المذهب أنه تجب فيه الدية، وهو قول مجاهد لأنه منفعة مقصودة فوجب في ذهابه الدية كالجماع وان كسر صلبه فذهب مشيه وجماعه ففيه وجهان (أحدهما) لا يجب عليه الا دية واحدة لأنهما منفعتا عضو واحد (والثاني) يجب عليه ديتان وهو المنصوص، لأنهما منفعتان يجب في كل واحدة منهما الدية عند الانفراد فوجب في كل واحدة منهما دية عند الاجتماع كالسمع والبصر.
وقال ابن قدامة (وان أذهب ماءه دون جماعه احتمل وجوب الدية، وهذا يروى عن مجاهد، وهذا كما قلنا هو مقتضى النص لأنه ذهب بمنفعة مقصودة فوجبت الدية.
(فرع) وفى الذكر الدية لما جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن (وفى الذكر الدية) وهو اجماع أهل العلم، ولان فيه منفعة وجمالا فوجبت فيه الدية، وسواء قطع ذكر صبي أو شيخ أو شاب أو خصى أو عنين لعموم الخبر، واختلفت الرواية عن أحمد في العنين على روايتين (إحداهما) تجب فيه الدية لذلك (والثانية) لا تكمل ديته، وهو مذهب قتادة، لان منفعته الانزال والاحبال والجماع، وقد عدم ذلك منه في حال الكمال فلم تكمل ديته كالأشل، وبهذا فارق ذكر الصبي.
وكذلك اختلفت الرواية عن أحمد على روايتين (إحداهما) وهو مذهبنا،