تجب الدية وإنما تجب الحكومة، لان الجماع لا يذهب مع سلامة العضو، فإذا لم يقدر عليه كان ذلك لعلة أخرى في غير الذكر فلا يلزم الجاني دية الجماع، وإن جرح ذكره وطالت الجراحة إلى جوف الذكر لم تجب أرش الجائفة وإنما تجب فيه الحكومة، ولأنه وإن كان له جوف، إلا أنه جوف لا يخاف من الوصول إليه التلف قوله (ويجب في الأنثيين الدية) وهذا صحيح لما رويناه من كتاب عمرو بن حزم في أول الباب. وروى ذلك عن علي وعمر وزيد بن ثابت. والأنثيان معناهما معنى البيضتين، أفاده في القاموس وذكر الشوكاني نقلا عن الغيث أن الأنثيين هما الجلدتان المحيطتان بالبيضتين وفيه نظر لان كتب اللغة على خلاف ذلك. وفى اللسان والأنثيان الخصيتان، وهما أيضا الأذنان يمانية، وأنشد الأزهري لذي الرمة وكنا إذا القيسي نب عتوده * ضربناه فوق الأنثيين على الكرد وقال ابن سيده في المخصص، وقول الفرزدق وكنا إذا الجار صعر خده * ضربناه تحت الأنثيين على الكرد وقوله (مضت السنة الخ) قال الشافعي فيما أخرجه البيهقي عنه (ان قول سعيد من السنة يشبه أن يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن عامة أصحابه) ثم قال (وقد كنا نقول أنه على هذا المعنى ثم وقفت عنه) وأسأل الله الخير، لأنا قد نجد منهم من يقول السنة، ثم لا نجد لقوله السنة نفاذا أنها عن النبي صلى الله عليه وسلم والقياس أولى بنا فيها، وقال الشوكاني، وعلى تسليم أن قوله (من السنة) يدل على الرفع فهو مرسل.
إذا ثبت هذا فإن الجمهور على أن فيهما الدية لما فيهما من جمال ومنفعة فهما كاليدين، وفى كل واحدة منهما نصف الدية. وقال ابن المسيب في اليسرى ثلثي الدية لان النسل منها وفى اليمنى ثلث الدية. دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم (وفى الأنثيين الدية) وظاهر هذا أن الدية مقسطة عليهما بالسوية وقوله إن النسل من اليسرى لم يصح. وروى هذا في كتب العترة عن علي ولم يثبت عندنا، وقد روى عن عمرو بن شعيب قوله عجبت لمن يقول إن النسل