بعض النفس كما إذا قتل جماعة واحدا (والثاني) لا يجب عليه القود، وبه قال أبو حنيفة وأحمد، وهو الأصح، لان له في قتله حقا فلم يجب عليه القود، كما لو وطئ أحد الشريكن الجارية المشتركة، وإن قتله بعد أن عفا أخوه عن القود نظرت - فإن كان قد حكم الحاكم بسقوط القود - وجب القود على القاتل قولا واحدا. قال ابن الصباغ سواء علم القاتل بذلك أو لم يعلم، لان بحكم الحاكم زالت الشبهة وحرم عليه قتله، فهو كما لو قتل غير القاتل، وإن كان بعد عفو أخيه وقبل حكم الحاكم بسقوط القود نظرت - فإن لم يعلم بعفو أخيه - فهل يجب القود على القاتل؟ فيه قولان، كما لو لم يعف أخوه قال الشيخ الإمام أبو حامد: إلا أن الأصح هناك لا يجب عليه القود، والأصح هاهنا أن عليه القود، وإن قتله بعد أن علم بعفو أخيه - فإن قلنا يجب عليه القود إذا لم يعف أخوه فها هنا أولى، وإن كان قلنا هناك لا يجب عليه القود لأنه على قول مالك لا يسقط القود هكذا صور المصنف المسألة، ولكنا تنازعه في عدم سقوط القود عند مالك، لان أهل العلم أجمعوا على إجازة العفو عن القصاص وأنه أفضل، بالكتاب والسنة لقوله تعالى " فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان " وقوله تعالى " فمن تصدق به فهو كفارة له " قيل في التفسير: فهو كفارة للجاني يعفو صاحب الحق عنه. وقيل هو كفارة للعافي بصدقته.
وأما السنة ففي سنن أبي داود عن أنس قال " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه شئ فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو " فالقصاص فحق لجميع الورثة من ذوي الأنساب والأسباب والرجال والنساء والصغار والكبار فمن عفا منهم صح عفوه وسقط القصاص، ولم يبق لاحد إليه سبيل، بهذا قال عطاء والنخعي والحكم وحماد والثوري وأبو حنيفة وأحمد. وروى ذلك عن عمر وطاوس والشعبي. وقال الحسن وقتادة والزهري وابن شبرمة والليث والأوزاعي: ليس للنساء عفو. والمشهور عن مالك أنه موروث للعصبات خاصة، وهو وجه لأصحابنا لأنه ثبت لدفع العار فاختص به العصبات كولاية النكاح ولنا وجه ثالث أنه لذوي الأنساب دون الزوجين لحديث أبي شريح الكعبي