فهو يمين، لأنه قد يراد بالشهادة اليمين، وإن نوى بالشهادة بالله الايمان به فليس بيمين لأنه قد يراد به ذلك. وإن لم يكن له نية ففيه وجهان (أحدهما) أنه يمين لأنه ورد به القرآن، والمراد به اليمين، وهو قوله عز وجل (فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين) (والثاني) أنه ليس بيمين، لأنه ليس في اليمين بها عرف من جهة العادة.
وأما في الشرع فقد ورد، والمراد به اليمين وورد والمراد به الشهادة، فلم يجعل يمينا من غير نية.
وإن قال أعزم بالله لأفعلن كذا - فإن أراد به اليمين - فهو يمين، لأنه يحتمل أن يقول أعزم ثم يبتدئ اليمين بقوله بالله لأفعلن كذا. وإن أراد أنى أعزم بالله، أي بمعونته وقدرته لم يكن يمينا، وإن لم ينو شيئا لم يكن يمينا لأنه يحتمل اليمين ويحتمل العزم على الفعل بمعونة الله فلم يجعل يمينا من غير نية ولا عرف. وإن قال أقسم أو أشهد أو أعزم ولم يذكر اسم الله تعالى لم يكن يمينا، نوى به اليمين أو لم ينو، لان اليمين لا ينعقد إلا باسم معظم أو صفة معظمة ليتحقق له المحلوف عليه، وذلك لم يوجد (فصل) وإن قال أسألك بالله أو أقسم عليك بالله لتفعلن كذا - فإن أراد به الشفاعة بالله عز وجل في الفعل - لم يكن يمينا، وإن أراد أن يحلف عليه ليفعلن ذلك صار حالفا: لأنه يحتمل اليمين. وهو أن يبتدئ بقوله بالله لتفعلن كذا، وان أراد أن يعقد للمسئول بذلك يمينا لم ينعقد لواحد منهما، لان السائل صرف اليمين عن نفسه والمسؤول لم يحلف.
(فصل) إذا قال والله لأفعلن كذا ان شاء زيد أن أفعله، فقال زيد قد شئت أن يفعله انعقدت يمينه لأنه علق عقد اليمين على مشيئته وقد وجدت، ثم يقف البر والحنث على فعل الشئ وتركه، وان قال زيد لست أشاء أن يفعله لم تنعقد اليمين لأنه لم يوجد شرط عقدها، وان فقدت مشيئته بالجنون أو الغيبة أو الموت لم ينعقد اليمين، لأنه لم يتحقق شرط الانعقاد، ولا ينعقد اليمين به.
والله تعالى أعلم.