والعين بالعين والأنف بالأنف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص) وقوله تعالى (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد) الآية.
وقوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب) وروى عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يحل دم امرئ مسلم الا بإحدى ثلاث: الزاني المحصن والمرتد عن دينه وقاتل النفس، ولأنه لو لم يجب القصاص أدى ذلك إلى سفك الدماء وهلاك الناس ولا يجب بجناية الخطأ، وهو أن يقصد غيره، فيصيبه فيقتله، لقوله عليه السلام " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولان القصاص عقوبة مغلظة فلا يستحق مع الخطأ ولا يجب في عمد الخطأ، وهو أن يقصد الإصابة بما لا يقتل غالبا فيموت منه، لأنه لم يقصد القتل فلا يجب عليه عقوبة القتل، كما لا يجب حد الزنا في وطئ الشبهة حيث لم يقصد الزنا.
(الشرح) قوله تعالى (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) الخ الآيات.
أخرج أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبد الله بن عبد الله ابن عباس عن أبيه قال إن الله أنزل ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وأولئك هم الظالمون وأولئك هم الفاسقون. أنزلها الله في الطائفتين من اليهود، وكانت أحدهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا، وكل قتيل قتله الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة تطلب مائة وسق، فقالت الذليلة وهو لكان في حيين دينهما واحد ونسبهما واحد وبلدهما واحد دية بعضهم نصف دية بعض؟ إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا وفرقا منكم. فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم، فكادت الحرب تهيج بينهما (وهما قريظة والنضير) ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ثم ذكرت العزيزة فقالت والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم، ولقد صدقوا ما أعطونا هذا الا ضيما منا وقهرا لهم; فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه أن أعطاكم ما تريدون