فيه قولان كما لو طرحه في نار يمكنه الخروج منها فلم يخرج منها حتى مات، ومنهم من قال لا يجب عليه الدية قولا واحدا، لان العادة لم تجر بأن يخوض النار في النار، والعادة بأن الناس يخوضون في الماء.
وإن طرحه في البحر بقرب الساحل وهو ممن يمكنه الخروج منه فابتلعه حوت فلا قود عليه لأنه كان يمكنه الخروج لو لم يبلعه الحوت، قيل عليه القود لأنه لو لم يبتلعه الحوت لما كان يتخلص. والثاني لا يجب عليه القود بل عليه الدية، لان الهلاك لم يكن بفعله، والأول أصح وإن طرحه في ساحل بحر قد يزيد إليه الماء وقد لا يزيد فزاد الماء وأغرقه لم يجب عليه القود لأنه لا يقصد قتله، ويجب عليه دية مغلظة لأنه عمد خطأ وإن كان الموضع لا يزيد الماء إليها فزاد وغرق لم يجب عليه القود، وتجب عليه دية مخففة لأنه خطأ عمد.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن حبسه ومنعه الطعام والشراب مدة لا يبقى فيها من غير طعام ولا شراب فمات وجب عليه القود، لأنه يقتل غالبا، وإن أمسكه على رجل ليقتله فقتله وجب القود على القاتل دون الممسك، لما روى أبو شريح الخزاعي " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من أعتى الناس على الله عز وجل من قتل غير قاتله أو طلب بدم الجاهلية في الاسلام أو بصر عينيه في النوم ما لم تبصره " وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ليقتل القاتل ويصبر الصابر " ولأنه سبب غير ملجئ ضامه مباشرة فتعلق الضمان بالمباشرة دون السبب كما لو حفر بئرا فدفع فيها آخر رجلا فمات.
(فصل) وإن كتف رجلا وطرحه في أرض مسبعة أو بين يدي سبع فقتله لم يجب القود لأنه سبب غير ملجئ فصار كمن أمسكه على من يقتله فقتله. وان جمع بينه وبين السبع في زبية أو بيت صغير ضيق فقتله وجب عليه القود لان السبع يقتل إذا اجتمع مع الآدمي في موضع ضيق وإن كتفه وتركه في موضع فيه حياة فنهسته فمات لم يجب القود، ضيقا كان