فإن لم يعد قريبا فهي رضعة وإن عاد في الحال ففيه وجهان (أحدهما) أن الأولى رضعة فإذا عاد فهي رضعة أخرى. وهذا ظاهر كلام أحمد رضي الله عنه في رواية حنبل فإنه قال: ألا ترى الصبي يرتضع من الثدي، فإذا أدركه النفس أمسك عن الثدي ليتنفس أو يستريح فإذا فعل ذلك فهي رضعة: وذلك لان الأولى رضعة لو لم يعد فكانت رضعة وإن عاد كما لو قطع باختياره (والثاني) أن جميع ذلك رضعة واحدة إلا في حالة قطع المرضعة ففيه الوجهان لأنه لو حلف لا أكلت اليوم إلا أكله فاستدام الاكل زمنا أو قطع لشرب الماء أو انتقال من لون إلى لون أو انتظار لما يحمل إليه من الطعام، لم يعد إلا أكلة واحدة فكذا ههنا.
قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وإن شكت المرضعة هل أرضعته أم لا؟ أو هل أرضعته خمس رضعات أو أربع رضعات لم يثبت التحريم، كما لو شك الزوج هل طلق امرأته أم لا؟ وهل طلق ثلاثا أو طلقتين؟
(فصل) ويثبت التحريم بالوجود لأنه يصل اللبن إلى حيث يصل بالارتضاع ويحصل به من إنبات اللحم وانتشار العظم ما يحصل من الرضاع، ويثبت بالسعوط لأنه سبيل الفطر الصائم، فكان سبيلا لتحريم الرضاع كالفم، وهل يثبت بالحقنة فيه قولان (أحدهما) يثبت لما ذكرناه في السعوط (والثاني) لا يثبت لان الرضاع جعل لانبات اللحم وانتشار العظم، والحقنة جعلت للاسهال، فإن ارتضع مرتين وأوجر مرة وأوسط مرة وحقن مرة. وقلنا إن الحقنة تحرم يثبت التحريم، لأنا جعلنا الجميع كالرضاع في التحريم وكذلك في اتمام العدد.
(فصل) وان حلبت لبنا كثيرا في دفعة واحدة وسقته في خمسة أوقات فالمنصوص أنه رضعة.
وقال الربيع فيه قول آخر أنه خمس رضعات: فمن أصحابنا من قال هو من تخريج الربيع. ومنهم من قال فيه قولان (أحدهما) أنه خمس رضعات، لأنه يحصل به ما يحصل بخمس رضعات (والثاني) أنه رضعة - وهو الصحيح -