والحكم أنه يلزمه الرجوع إلى أحدها، وبه قال الثوري وأصحاب الرأي لأنه قدر على المبدل قبل إتمام البدل فلزمه الرجوع كالمتيمم إذا قدر على الماء قبل إتمام صلاته. دليلنا أنه بدل لا يبطل بالقدرة على المبدل فلم يلزمه الرجوع إلى المبدل بعد الشروع فيه، كما لو شرع المتمتع العاجز عن الهدى في صوم السبعة الأيام فإنه لا يخرج بلا خلاف. والدليل على أن البدل لا يبطل أن البدل الصوم وهو صحيح مع قدرته اتفاقا، وفارق التيمم فإنه يبطل بالقدرة على الماء بعد فراغه منه ولان الرجوع إلى طهارة الماء لا مشقة فيه ليسره، والكفارة يشق الجمع فيها بين خصلتين، وإيجاب يفضى إلى ذلك قال المصنف رحمه الله تعالى:
كتاب العدد إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول والخلوة لم تجب العدة لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) ولأن العدة تجب لبراءة الرحم، وقد تيقنا براءة رحمها، وإن طلقها بعد الدخول وجبت العدة لأنه لما أسقط العدة في الآية قبل الدخول دل على وجوبها بعد الدخول، ولان بعد الدخول يشتغل الرحم بالماء فوجبت العدة لبراءة الرحم. وإن طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول ففيه قولان (أحدهما) لا تجب العدة لما ذكرناه من الآية والمعنى (والثاني) تجب لان التمكين من استيفاء المنفعة جعل كالاستيفاء، ولهذا تستقر به الأجرة في الإجارة كما تستقر بالاستيفاء، فجعل كالاستيفاء في إيجاب العدة.
(فصل) وان وجبت العدة على المطلقة لم تخل - إما أن تكون حرة أو أمة - فإن كانت حرة نظرت، فإن كانت حاملا من الزوج اعتدت بالحمل لقوله تعالى (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) ولان براءة الرحم لا تحصل في الحامل الا بوضع الحمل، فإن كان الحمل ولدا واحدا لم تنقض العدة حتى ينفصل