سويا " يريد أيامها بدليل أنه قال في موضع آخر " آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا " يريد بلياليها. ولو نذر اعتكاف العشر الأخير من رمضان لزم الليالي والأيام، ويقول القائل (سرنا عشرا) يريد الليالي بأيامها، فلم يجز نقلها عن العدة إلى الإباحة بالشك. وما في الفصل من اختلاف صفاتهن أو اتفاقها فعلى وجهه.
قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) إذا فقدت المرأة زوجها وانقطع عنها خبره ففيه قولان (أحدهما) وهو قوله في القديم إن لها أن تنفسخ النكاح ثم تتزوج، لما روى عمرو بين دينار عن يحيى بن جعدة " أن رجلا استهوته الجن فغاب عن امرأته، فأتت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمرها أن تمكث أربع سنين، ثم أمرها أن تعتد ثم تتزوج " ولأنه إذا جاز الفسخ لتعذر الوطئ بالتعنين وتعذر النفقة بالاعسار، فلان يجوز ههنا - وقد تعذر الجميع - أولى (والثاني) وهو قوله في الجديد وهو الصحيح أنه ليس لها الفسخ، لأنه إذا لم يجز الحكم بموته في قسمة ماله لم يجز الحكم بموته في نكاح زوجته، وقول عمر رضي الله عنه يعارضه قول علي عليه السلام " تصبر حتى يعلم موته " ويخالف فرقة التعنين والاعسار بالنفقة، لان هناك ثبت سبب الفرقة بالتعنين، وههنا لم يثبت سبب الفرقة وهو الموت فإن قلنا بقوله القديم قعدت أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة ثم تتزوج، لما رويناه عن عمر رضي الله عنه، ولان بمضي أربع سنين يتحقق براءة رحمها ثم تعتد: لأن الظاهر أنه مات فوجب عليها عدة الوفاة قال أبو إسحاق يعتبر ابتداء المدة حين أمرها الحاكم بالتربص. ومن أصحابنا من قال يعتبر من حين انقطع خبره، والأول أظهر، لأن هذه المدة ثبتت بالاجتهاد فافتقرت إلى حكم الحاكم كمدة التعنين، وهل يفتقر بعد انقضاء العدة إلى الحكم بالفرقة؟ فيه وجهان (أحدهما) أنه لا يفتقر، لان الحكم بتقدير المدة حكم بالموت بعد انقضائها