(والثاني) لا يحنث لأنه لا يعلم بقاؤه. وإن ضاع على وجه قد يئس من عوده كالذي يسقط في بحر لم يحنث، لان وجوده كعدمه، ويحتمل ألا يحنث في كل مال لا يقدر على أخذه كالمجحود والمغصوب والذي على غير ملئ لأنه لا نفع فيه وحكمه حكم المعدوم في جواز الاخذ من الزكاة، وانتفاء وجوب أدائها. وقد مضى في الزكاة للامام النووي مزيد بحث وتفصيل (فرع) إذا تزوج لم يحنث لان ما يملكه ليس مالا، وإن وجب له حق شفعة لم يحنث لأنه لم يثبت له الملك به. وإن استأجر عقارا أو غيره لم يحنث لأنه لا يسمى مالك لمال، وما بقي من الفصول فعلى وجهه قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن حلف لا يكلم فلانا حينا أو دهرا أو حقبا أو زمانا بر بأدنى زمان، لأنه اسم للوقت، ويقع على القليل والكثير، وإن حلف لا يكلمه مدة قريبة أو مدة بعيدة بر بأدنى مدة، لأنه ما من مدة إلا وهي قريبة بالإضافة إلى ما هو أبعد منها، بعيدة بالإضافة إلى ما هو أقرب منها (فصل) وان حلف لا يستخدم فلانا فخدمه وهو ساكت لم يحنث، لأنه حلف على فعله وهو طلب الخدمة ولم يوجد ذلك منه، وإن حلف لا يتزوج أو لا يطلق فأمر غيره حتى تزوج له أو طلق عنه لم يحنث، لأنه حلف على فعله نفسه ولم يفعل.
وإن حلف لا يبيع أو لا يضرب فأمر غيره ففعل - فإن كان ممن يتولى ذلك بنفسه - لم يحنث لما ذكرناه، وإن كان ممن لا يتولى ذلك بنفسه كالسلطان فالمنصوص أنه لا يحنث.
وقال الربيع: فيه قول أخر أنه يحنث، ووجه أن العرف في حقه أن يفعل ذلك عنه بأمره، واليمين يحمل على العرف، ولهذا لو حلف لا يأكل الرؤوس حملت على رؤوس الانعام، والصحيح هو الأول، لان اليمين على فعله والحقيقة لا تنتقل بعادة الحالف، ولهذا لو حلف السلطان أنه لا يأكل الخبز أو لا يلبس الثوب فأكل خبز الذرة ولبس عباءة حنث. وإن لم يكن ذلك من عادته