ولهذا لما طعن أبو لؤلؤة المجوسي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بطنه فجاءه الطبيب وسقاه لبنا فخرج اللبن من بطنه، فقال له أعهد إلى الناس، فعهد عمر رضي الله عنه ثم مات فعملت الصحابة رضوان الله عليهم بعهده فصار كالصحيح، والله تعالى أعلم بالصواب قال المصنف رحمه الله تعالى:
(باب ما يجب به القصاص من الجنايات) إذا جرحه بما يقطع الجلد واللحم كالسيف والسكين والسنان، أو بما حدد من الخشب والحجر والزجاج وغيرها أو بما له مور وبعد غور كالمسلة والنشاب وما حدد من الخشب والقصب ومات منه وجب عليه القود، لأنه قتله بما يقتل غالبا، وإن غرز فيه إبرة - فإن كان في مقتل كالصدر والخاصرة والعين وأصول الاذن فمات منه - وجب عليه القود، لان الإصابة بها في المقتل، كالإصابة بالسكين والمسلة في الخوف عليه، وإن كان في غير مقتل كالألية والفخذ نظرت - فإن بقي منه ضمنا إلى أن مات - وجب عليه القود، لأن الظاهر أنه مات منه وان مات في الحال ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق أنه يجب عليه القود لان له غورا وسراية في البدن. وفي البدن مقاتل خفية (والثاني) وهو قول أبى العباس وأبي سعيد الإصطخري أنه لا يجب لأنه لا يقتل في الغالب فلا يجب به القود، كما لو ضربه بمثقل صغير، ولان في المثقل فرقا بين الصغير والكبير، فكذلك في المحدد (الشرح) اللغات: المور الموج والاضطراب والجريان، ومار الدم يمور مورا جرى، وأماره أسأله، ومار السنان في المطعون إذا قطعه ودخل فيه.
قال الشاعر:
وأنتم أناس تغمضون من القنا إذا مار في أكتافكم وتأطرا ويقولون: فلان لا يدرى ما سائر من مائر، فالمائر السيف القاطع الذي يمور