قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن قتل واحد جماعة أو قطع عضوا من جماعة لم تتداخل حقوقهم لأنها حقوق مقصودة لآدميين فلم تتداخل كالديون، فإن قتل أو قطع واحدا بعد واحد اقتص منه للأول، لان له مزية بالسبق، وإن سقط حق الأول بالعفو اقتص للثاني، وان سقط حق الثاني اقتص للثالث، وعلى هذا.
وإذا اقتص منه لواحد بعينه تعين حق الباقين في الدية، لأنه فاتهم القود بغير رضاهم، فانتقل حقهم إلى الدية، كما لو مات القاتل أو زال طرفه، وإن قتلهم أو قطعهم دفعة واحدة أو أشكل الحال أقرع بينهم فمن خرجت له القرعة اقتص له لأنه لا مزية لبعضهم على بعض فقدم بالقرعة كما قلنا فيمن أراد السفر ببعض نسائه، فإن خرجت القرعة لواحد فعفا عن حقه أعيدت القرعة للباقين لتساويهم وإن ثبت القصاص لواحد منهم بالسبق أو بالقرعة فبدر غيره واقتص صار مستوفيا لحقه. وإن أساء في التقدم على من هو أحق منه، كما قلنا فيمن قتل مرتدا بغير إذن الإمام أنه يصير مستوفيا لقتل الردة، وإن أساء في الافتيات على الامام. وإن قتل رجل جماعة في المحاربة ففيه وجهان (أحدهما) أن حكمه حكم ما لو قتلهم في غير المحاربة (والثاني) أنه يقتل بالجميع لان قتل المحاربة لحق الله تعالى، ولهذا لا يسقط بالعفو فتداخل كحدود الله تعالى (فصل) وإن قطع يد رجل وقتل آخر قطع للمقطوع ثم قتل للمقتول تقدم القطع أو تأخر، لأنا إذا قدمنا القتل سقط حق المقطوع، وإذا قدمنا القطع لم يسقط حق المقتول، وإذا أمكن الجمع بين الحقين من غير نقص لم يجز إسقاط أحدهما، ويخالف إذا قتل اثنين لأنه لا يمكن إيفاء الحقين فقدم السابق، وإن قطع أصبعا من يمين رجل ثم قطع يمين آخر قطع الإصبع للأول ثم قطعت اليد للثاني ويدفع إليه أرش الإصبع، ويخالف إذا قطع ثم قتل حيث قلنا إنه يقطع للأول ويقتل للثاني ولا يلزمه لنقصان اليد شئ لان النفس لا تنقص بنقصان اليد، ولهذا يقتل صحيح اليد بمقطوع اليد، واليد تنقص بنقصان الإصبع، ولهذا لا تقطع اليد الصحيحة بيد ناقصة الأصابع.