انتزاعه؟ قلنا لان في القصاص حقا للميت، وللحاكم عليه ولاية، ولهذا تنفذ وصاياه من الدية وتقضى ديونه منها، فنظيره أن يجد الحاكم من تركة الميت في يد إنسان شيئا غصبا والوارث غائب فإنه يأخذه، ولو كان القصاص لحي في طرفه لم يتعرض لمن هو عليه، فإن أقام القاتل كفيلا بنفسه ليخلى سبيله لم يجز لان الكفالة لا تصح في القصاص فإن فائدتها استيفاء الحق من الكفيل إن تعذر إحضار المكفول به، ولا يمكن استيفاؤه من غير القاتل، فلم تصح الكفالة به كالحد، ولان فيه تغريرا بحق المولى عليه، فإنه ربما خلى سبيه فهرب فضاع الحق فإن وجب القصاص في قتل من لا وارث له غير المسلمين كان القصاص إلى الامام لأنه نائب عنهم، وإن كان هناك من يرث البعض ويرث المسلمون الباقي كان استيفاء القصاص إلى الامام والى الوارث قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وان قتل رجل وله اثنان من أهل الاستيفاء فبدر أحدهما وقتل القاتل من غير اذن أخيه ففيه قولان (أحدهما) لا يجب عليه القصاص، وهو الصحيح، لان له في قتله حقا فلا يجب عليه القصاص بقتله، كما لا يجب الحد على أحد الشريكين في وطئ الجارية المشتركة (والثاني) يجب عليه القصاص لأنه اقتص في أكثر من حقه فوجب عليه القصاص، كما لو وجب له القصاص في طرفه فقتله، ولان القصاص يجب بقتل بعض النفس إذا عرى عن الشبهة، ولهذا يجب على كل واحد من الشريكين في القتل. وإن كان قاتلا لبعض النفس والنصف الذي لأخيه لا شبهة فيه فوجب القصاص عليه بقتله وان عفا أحدهما عن حقه من القصاص ثم قتله الاخر بعد العلم بالعفو نظرت فإن كان بعد حكم الحاكم بسقوط القود عنه وجب عليه القصاص، لأنه لم يبق له شبهة، وإن كان قبل حكم الحاكم بسقوط القود عنه فإن قلنا يجب عليه القود إذا قتله قبل العفو فلان يجب عليه إذا قتله بعد العفو أولى، وان قلنا لا يجب عليه قبل العفو ففيما بعد العفو قولان (أحدهما) يجب عليه لأنه لاحق له في قتله كما لو عفوا ثم قتله أحدهما