الأبوين، دل على أنه أرفق به وأشفق عليه، فقدم بذلك، وقيدناه بالسبع لأنها أول حال أمر الشرع فيها بمخاطبته بالامر بالصلاة. ومتى اختار أحدهما فسلم إليه ثم أختار الاخر رد إليه، فإن عاد فاختار الأول أعيد إليه هكذا أبدا كلما اختار أحدهما صار إليه، لأنه اختيار شهوة لحظ نفسه فاتبع ما يشتهيه، وان خيرناه فلم يختر واحدا منهما أو اختارهما معا قدم أحدهما بالقرعة، لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه، ولا يمكن اجتماعهما على حضانته فقد أحدهما بالقرعة (فرع) فإن كان الأب معدوما أو من غير أهل الحضانة وحضر غيره من العصبات كالأخ والعم وابنه قام مقام الأب، فيخير الغلام بين أمه وعصبته فأشبه الأب، وكذلك إن كانت أمه معدومة أو من غير أهل الحضانة فسلم إلى الجدة، خير الغلام بينها وبين أبيه أو من يقوم مقامه من العصبات، فإن كان الأبوان معدومين أو من غير أهل الحضانة فسلم إلى امرأة كأخته وعمته أو خالته قامت مقام أمه في التخيير بينهما وبين عصيانه للمعنى الذي ذكرناه في الأبوين (فرع) وإن كان عند الأب كان عنده ليلا ونهارا ولا يمنع من زيارة أمه لان منعه من ذلك اغراء له بالعقوق وقطيعة الرحم، وان مرض كانت الأم أحق بتمريضه في بيتها، لأنه صار بالمرض كالصغير في الحاجة إلى من يقوم بأمره فكانت الأم أحق به كالصغير، وان مرض أحد الأبوين والولد عن الاخر لم يمنع من عيادته وحضوره عند موته، سواء كان ذكرا أو أنثى لان المرض يمنع المريض من المشي إلى ولده، فمشى ولده إليه أولى، فأما في حال الصحة فإن الغلام يزور أمه لأنها عورة فسترها أولى، والأم تزور ابنتها، لان كل واحدة منهما عورة تحتاج إلى صيانة - وستر الجارية أولى - لان الأم قد تخرجت وعقلت بخلاف الجارية.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وان افترق الزوجان ولهما ولد فأراد أحدهما أن يسافر بالولد - فإن كان السفر مخوفا أو البلد الذي يسافر إليه مخوفا - فالمقيم أحق به، فإن كان مميزا لم يخير بينهما، لان في السفر تغريرا بالولد، وإن كان السفر مسافة