قال ابن قدامة: ويحتمل أن من أحنثه إنما كان لان ظاهر حال الحالف أنه يقصد هجران الدار ومباينتها: والإقامة فيها تخالف ذلك فجرى مجرى الحالف على ترك السكنى به أه.
(فرع) فإن حلف لا يلبس ثوبا وهو لابسه فإن نزعه في الحال وإلا حنث وكذلك إن حلف لا يركب دابة هو راكبها - فإن نزل في أول حالة الامكان والا حنث، وبهذا قال أحمد وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور لا يحنث باستدامته اللبس والركوب حتى يبتدئه. لأنه لو حلف لا يتزوج ولا يتطهر فاستدام ذلك لم يحنث. كذا ههنا دليلنا أن استدامة اللبس والركوب تسمى لبسا وركوبا، ويسمى به لابسا وراكبا. ولذلك يقال ليست هذا الثوب شهرا، وركبت دابتي يوما فحنث باستدامته، كما لو حلف لا يسكن فاستدام السكنى، وقد اعتبر الشرع هذا في الاحرام حيث حرم لبس المخيط فأوجب الكفارة في استدامته كما أوجبها في ابتدائه وفارق التزويج فإنه لا يطلق على الاستدامة فلا يقال تزوجت شهرا. وإنما يقال منذ شهر. ولهذا لم تحرم استدامته في الاحرام كابتدائه (فرع) ان حلف لا يسافر وكان في السفر فإن سدر في سفره حنث وإن أخذ في العود لم يحنث ولو كانت مسافة العود أكبر من قدر مسافة القصر.
وذلك لأنه يعتبر آخذا في ترك السفر قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وان حلف لا يساكن فلانا - وهما في مسكن واحد. ففارق أحدهما الآخر في الحال وبقي الآخر - لم يحنث لأنه زالت المساكنة. وإن سكن كل واحد منهما في بيت من خان أو دار كبيرة. وانفرد كل واحد منهما بباب وغلق لم يحنث لأنه ما ساكنه. فإن حلف لا يدخل دار فأدخل إحدى الرجلين أو أدخل رأسه إليها لم يحنث، وان حلف لا يخرج من دار فأخرج إحدى الرجلين أو أخرج رأسه منها لم يحنث. لان النبي صلى الله عليه وسلم كان معتكفا وكان يدخل رأسه إلى عائشة لترجله " ولان كمال الدخول والخروج لا يحصل بذلك.