(أحدهما) يعطى أقل الأمرين من أرش الجناية أو دية النفس، لان ما زاد على دية النفس لا يتيقن استقراره قبل الاندمال (والثاني) يعطى أرش الجناية بالغا ما بلغ، لأنه قد وجب له في الظاهر، فإن اقتص المجني عليه قبل الاندمال، ثم سرت الجناية على المجني عليه إلى عضو آخر واندمل، كانت السراية مضمونة بالدية وقال أحمد رحمه الله: لا تكون مضمونة لقوله صلى الله عليه وسلم " اذهب فلا حق لك " ودليلنا أن هذه جناية مضمونة كما لو لم يقتص، والحديث محمول على أنه أراد صلى الله عليه وسلم لاحق لك في القصاص.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا قتل بالسيف لم يقتص منه الا بالسيف لقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما أعتى عليكم " ولان السيف أجرى الآلات، فإذا قتل به واقتص بغيره أخذ فوق حقه، لان حقه في القتل وقد قتل وعذب، فإن أحرقه أو غرقه أو رماه بحجر، أو رماه من شاهق أو ضربه بخشب، أو حبسه ومنعه الطعام والشراب فمات، فللولي أن يقتص بذلك لقوله تعالى " وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " ولما روى البراء رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه " ولان القصاص موضوع على المماثلة والمماثلة ممكنة بهذه الأسباب، فجاز أن يستوفى بها القصاص، وله أن يقتص منه بالسيف، لأنه قد وجب له القتل والتعذيب، فإذا عدل إلى السيف فقد ترك بعض حقه فجاز. فإن قتله بالسحر قتل بالسيف، لان عمل السحر محرم فسقط وبقى القتل فقتل بالسيف.
وان قتله باللواط أو بسقي الخمر ففيه وجهان:
(أحدهما) وهو قول أبي إسحاق أنه ان قتله بسقي الخمر قتله بسقي الماء.
وان قتله باللواط فعل به مثل ما فعله بخشبة، لأنه تعذر مثله حقيقة ففعل به ما هو أشبه بفعله.
(والثاني) أنه يقتل بالسيف لأنه قتله بما هو محرم في نفسه فاقتص بالسيف