وان قطع يمين رجل ثم قطع أصبعا من يد رجل آخر قطعت يمينه للأول لان حقه سابق، ويخالف إذا قتل رجل ثم قطع يد آخر حيث أخرنا القتل، وإن كان سابقا، لان هناك يمكن إيفاء الحقين من غير نقص يدخل على ولى المقتول بقطع اليد، وههنا يدخل النقص على صاحب اليد بنقصان الإصبع.
(فصل) وإن قتل رجلا وارتد، أو قطع يمين رجل وسرق، قدم حق الآدمي من القتل والقطع، وسقط حق الله تعالى، لان حق الآدمي مبنى على التشديد، فقدم على حق الله تعالى (الشرح) إذا قتل واحد جماعة قتل بواحد وأخذ الباقون الدية، وقال أبو حنيفة ومالك يقتل بالجماعة - فإن بادر واحد وقتله - سقط حق الباقين، وبه قال أصحابنا الخراسانيون.
وقال أحمد رحمه الله: إن طلبوا القصاص قتل لجماعتهم، وان طلب بعضهم القصاص وبعضهم الدية قتل لمن طلب القصاص وأعطى الدية من طلبها. وقال عثمان البتي: يقتل بجماعتهم ثم يعطون الدية في باقيهم فيقسمونها بينهم، مثل أن يقتل عشرة، فإنه يقتل ويعطون تسع ديات ويقسمونها بين العشرة. ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم " فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية " ولأنها حقوق مقصودة لآدميين يمكن استيفاؤها فوجب أن لا يتداخل كالديون وقولنا مقصودة احتراز من آجال الدين. وقولنا لآدميين احتراز من حقوق الله تعالى وهي الحدود في الزنا وشرب الخمر إذا ثبت هذا فإن قتل واحدا بعد واحد اقتص للأول، فإن عفا الأول اقتص للثاني، وإن عفا الثاني اقتص للثالث. وإن كان ولى الأول غائبا أو صغيرا انتظر قدوم الغائب وبلوغ الصغير. وان قتلهم دفعة واحدة بأن هدم عليهم بيتا أو جرحهم فماتوا معا أقرع بينهم، فمن خرجت له القرعة قتل به وكان للباقين الدية. وقال بعض أصحابنا الخراسانيين: يقتل بالجميع ويرجع كل واحد من الأولياء بحصته من الدية. وإن قتلهم واحدا بعد واحد إلا أنه أشكل الأول منهم