قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا وجد التمكين الموجب للنفقة ولم ينفق حتى مضت مدة صارت النفقة دينا في ذمته ولا تسقط بمضي الزمان، لأنه مال يجب على سبيل البدل في عقد معاوضة فلا يسقط بمضي الزمان كالثمن والأجرة والمهر، ويصح ضمان ما استقر منها بمضي الزمان، كما يصح ضمان سائر الديون وهل يصح ضمانها قبل استقرارها بمضي الزمان؟ فيه قولان على القولين في النفقة هل تجب بالعقد أو بالتمكين؟ فيه قولان. قال في الجديد تجب بالتمكين وهو الصحيح، لأنها لو وجبت بالعقد لملكت المطالبة بالجميع كالمهر والأجرة.
وعلى هذا لا يصح ضمانها لأنه ضمان ما لم يجب وقال في القديم: تجب بالعقد لأنها في مقابلة الاستمتاع والاستمتاع يجب بالعقد فكذلك النفقة، وعلى هذا يضمن منها نفقة موصوفة لمدة معلومة (فصل) إذا اختلف الزوجان في قبض النفقة فادعى الزوج أنها قبضت وأنكرت الزوجة فالقول قولها مع يمنها لقوله عليه السلام " اليمين على المدعى عليه " ولان الأصل عدم القبض.
وان مضت مدة لم ينفق فيها وادعت الزوجة أنه كان موسرا فيلزمه نفقة الموسر، وادعى الزوج أنه كان معسرا فلا يلزمه الا نفقة المعسر نظرت - فإن عرف لها مال - فالقول قولها - لان الأصل بقاؤه، وان لم يعرف له مال قبل ذلك القول قوله لان الأصل عدم المال.
وان اختلفا في التمكين فادعت المرأة أنها مكنت وأنكر الزوج فالقول قوله لان الأصل عدم التمكين وبراءة الذمة من النفقة، وان طلق زوجته طلقة رجعية وهي حامل فوضعت واتفقا على وقت الطلاق واختلفا في وقت الولادة فقال الزوج طلقتك قبل الوضع فانقضت العدة فلا رجعة لي عليك ولا نفقة لك على. وقالت المرأة بل طلقتني بعد الوضع فلك على الرجعة ولى عليك النفقة، فالقول قول الزوج أنه لا رجعة لي عليك، لأنه حق له فقبل اقراره فيه. والقول قول المرأة في وجوب العدة لأنه حق عليها فكان القول قولها، والقول قولها مع يمينها في وجوب النفقة، لان الأصل بقاؤها. والله أعلم