(والثاني) لا يجب، لان على مذهب مالك رحمة الله عليه يجب له القود بعد عفو الشريك، فيصير ذلك شبهة في سقوط القود، فإذا قلنا أنه يجب القصاص على الابن القاتل وجب دية الأب في تركة قاتله، نصفها للأخ الذي لم يقتل، ونصفها للأخ القاتل ولورثته بعده، وإذا قلنا لا يجب القصاص على الابن القاتل وجب عليه نصف دية المقتول، لأنه قتله وهو يستحق نصف النفس وللأخ الذي لم يقتل نصف الدية، وفيمن يجب عليه قولان (أحدهما) يجب على الابن القاتل، لان نفس القاتل كانت مستحقة لهما، فإذا أتلفها أحدهما لزمه ضمان حق الاخر كما لو كانت لهما وديعة عند رجل فأتلفها أحدهما، فعلى هذا ان أبرأ الابن الذي لم يقتل ورثة قاتل أبيه من نصفه لم يصح ابراؤه، لأنه أبرأ من لاحق له عليه. وان أبرأ أخاه صح ابراؤه لأنه أبرأ من عليه الحق.
والقول الاخر أنه يجب ذلك في تركة قاتل أبيه لأنه قود سقط إلى مال فوجب في تركة القاتل كما لو قتله أجنبي، ويخالف الوديعة، فإنه لو أتلفها أجنبي وجب حقه عليه، والقاتل لو قتله أجني لم يجب حقه عليه، فعلى هذا لو أبرأ أخاه لم يصح ابراؤه، وان أبرأ ورثة قاتل أبيه صح ابراؤه ولورثة قاتل الأب مطالبة الابن القاتل بنصف الدية، لان ذلك حق لهم عليه فلا يسقط ببراءتهم عن الابن الاخر.
(الشرح) إذا قتل رجل وله أخوان وابنان من أهل استيفاء القصاص لم يكن لهما أن يستوفيا القصاص جميعا، لان في ذلك تعذيبا للقاتل، فإما أن يوكلا رجلا ليستوفى لها القصاص، واما أن يوكل أحدهما الاخر في الاستيفاء، فإن طلب كل واحد منهما أن يوكله الاخر أقرع بينهما، لأنه لا مزية لأحدهما على الاخر، فإذا خرجت القرعة لأحدهما أمر الاخر أن يوكله، وان بادر أحدهما وقتل القاتل بغير اذن أخيه نظرت - فإن كان الذي لم يقتل لم يعف عن حقه من القصاص - فهل يجب على القاتل منهما القود؟ فيه قولان (أحدهما) يجب عليه القود لأنه ممنوع من قتله وقد يجب القتل بإتلاف