والقول الثاني انه يرجع بها في تركة قاتل أبيه لأنه قود سقط إلى مال فوجب المال في تركة قاتل الأب كما لو قتله أجنبي، ويخالف الوديعة فإنه لو أتلفها أجنبي لرجعا عليه بضمانها، وههنا لو قتله أجبني لم رجعا عليه بشئ فعلى هذا إن أبرأ أخاه لم يصح إبراؤه، وإن أبرأ قاتل أبيه صح إبراؤه ويكون لورثة قاتل الأب أن يرجعوا على القاتل بنصف دية موروثهم لأنه لا يستحق إلا نصف نفسه، ومن أصحابنا من قال: لا يطالبون الأخ القاتل بشئ، لأنهم ما غرموا، وليس بشئ، لان الحق قد لزمهم في الأصل ولزم القاتل له في الأصل فإذا سقط عنهم لم يسقط عنه على الوارث في تركته. ولوجه آخر أن الدية لمن له القصاص، كما لو قتل المرهون كانت الدية مرهونة، ولو عفا وارثه عن القصاص على الدية فالدية للوارث على الصحيح من المذهب وحق من له القصاص، ولو وجب القصاص على رجل فقتله أجنبي عنه عليه القصاص لأنه ترك القبض للورثة.
وإن عفا الاخوان جميعا عنه ثم عادا فقتلاه أو عفا عنه أحدهما ثم عاد فقتله وجب القود قولا واحدا، لأنه لم يبن للعاقل حق بعد عفوه، فصار كما لو قتل أجنبيا، فإن كان القصاص لجماعة واختلفوا فيمن يقتص منهم أقرع بينهم. وهل يدخل في القرعة من لا يحسن؟ فيه وجهان حكاهما في العدة، أحدهما لا يدخل لأنه لا فائدة فيه. والثاني يدخل لأنه يستنيب من شاء، ومتى خرجت القرعة لأحدهم لم يستوف القصاص إلا بتوكيل الباقين له قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يجوز استيفاء القصاص إلا بحضرة السلطان لأنه يفتقر إلى الاجتهاد ولا يؤمن فيه الحيف مع قصد التشفي، فإن استوفاه من غير حضرة السلطان عزره على ذلك.
ومن أصحابنا من قال لا يعزر لأنه استوفى حقه والمنصوص أنه يعزر لأنه افتيات على السلطان، والمستحب أن يكون بحضرة شاهدين حتى لا ينكر المجني