من ذلك الزينة في نفسها، فيحرم عليها أن تختضب وأن يحمر وجهها بالمساحيق والأصباغ، وأن تبيضه بالسبيداج وبودرة التلك وأن تجعل عليه صبرا يصفره وأن ينقش في وجهها ويديها، وأن تخفف وجهها وما أشبهه مما يحسنها، وأن تكتحل بالإثمد من غير ضرورة.
وحكى المصنف عن الماسرجسي أن للسوداء أن تكتحل. وهذا مخالف للأحاديث التي سقناها، فإن اضطرت الحادة أن تكتحل للتداوي فلها أن تكتحل ليلا وتمسحه نهارا، ورخص فيه عند الضرورة عطاء والنخعي ومالك وأصحاب الرأي لما أخرجه أبو داود والنسائي عن أم حكيم بنت أسد عن أمها أن زوجها توفى وكانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة تسألها عن كحل الجلاء، فقالت لا تكتحلي بالتوتيا والعنزروت ونحوهما فلا بأس به لأنه لا زينة فيه بل يقبح العين ويزيدها مرها: ولا تمنع من جعله على غير وجهها من بدنها، لأنه إنما منع منه في الوجه لأنه يصفره فيشبه الخضاب. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم " إنه يشب الوجه " ولا تمنع من التنظيف بتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق الشعر المندوب إلى حلقه ولا من الاغتسال بالسدر والامتشاط به لحديث أم سلمة، ولأنه يراد للتنظيف لا للطيب.
قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) ويحرم عليها أن تطيب لما روت أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لاتحد المرأة فوق ثلاثة أيام إلا على زوج فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا لا تكتحل ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ولا تمس طيبا إلا عند طهرها من محيضها نبذة من قسط أو أظفار، ولان الطيب يحرك الشهوة ويدعو إلى المباشرة، ولا تأكل شيئا فيه طيب ظاهر ولا تستعمل الادهان المطيبة كألبان ودهن الورد ودهن البنفسج لأنه طيب ولا تستعمل الزيت والشيرج في الرأس لأنه يرجل الشعر، ويجوز لها أن تغسل رأسها بالسدر لما روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها امتشطي، فقلت بأي شئ أمتشط يا رسول الله؟