ولهذا لو انفرد بإذهاب الضوء لم يجب فيه القصاص وقال الشيخ أبو حامد:
يلطمه كما لطمه، وهو المنصوص في الأم، فإن ذهب ضوء عينه فقد استوفى حقه وان لم يذهب الضوء عولج بما يذهب الضوء لقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " قال الشافعي فإن لطمه الجاني فأذهب ضوء عينه وابيضت عينه وشخصت، يعنى ارتفعت، فإنه يلطمه مثله. فإن أذهب ضوء عينه فابيضت وشخصت فقد استوفى حقه، وان لم تبيض ولم يشخص - فإن أمكن معالجة العين حتى يبيض ويشخص - فعل، وان لم يمكن فلا شئ عليه، لان الجناية إنما هي ذهاب العين. فأما البياض والشخوص فإنما هو شين، والشين لا يوجب شيئا، كما لو شجه موضحة فاقتص منه مثلها ثم برئ - أي المجني عليه - وبقى عليه شين وبرئ رأس الشاج ولا شين عليه، فإنه لا يجب له شئ فكذلك هذا مثله.
وان قلع عينه بأصبعه - فإن قلع المجني عليه عينه بحديدة جاز - لأنه أوحى وأن أراد أن يقلع عينه بأصبعه ففيه وجهان (أحدهما) له ذلك لقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (والثاني) ليس له ذلك لأنه لا يمكن اعتبار المماثلة فيه.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وان أوضح رأسه بالسيف اقتص منه بحديدة ماضية كالموسى ونحوه، ولا يقتص منه بالسيف لأنه لا يؤمن أن يهشم العظم.
(فصل) وان جنى عليه جناية ذهب منها ضوء عينيه نظرت - فإن كانت جناية لا يجب فيها القصاص كالهاشمة - عولج بما يزيل ضوء العين من كافور يطرح في العين أو حديدة حامية تقرب منها، لأنه تعذر استيفاء القصاص فيه بالهاشمة ولا يقلع الحدقة لأنه قصاص في غير محله الجناية فعدل إلى أسهل ما يمكن كما قلنا في القتل باللواط. وإن كانت جناية يمكن فيها القصاص كالموضحة اقتص منه