قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) ويصح اليمين على الماضي والمستقبل، فان حلف على ماض وهو صادق فلا شئ عليه لان النبي صلى الله عليه وسلم جعل اليمين على المدعي عليه، ولا يجوز أن يجعل اليمين عليه إلا وهو صادق، فدل على أنه يجوز أن يحلف على ما هو صادق فيه.
وروى محمد بن كعب القرظي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو على المنبر وفي يده عصا " يا أيها الناس لا يمنعكم اليمين عن أخذ حقوقكم فوالذي نفسي بيده أن في يدي عصا " وإن كان كاذبا وهو أن يحلف على أمر أنه كان ولم يكن أو على أمر أنه لم يكن وكان أثم بذلك وهي اليمين الغموس، والدليل عليه ما روى عن الشعبي رضي الله عنه عن عبد الله بن عمر قال " جاء رجل أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال الشرك بالله. قال ثم ماذا؟ قال عقوق الوالدين، قال ثم ماذا؟ قال اليمين الغموس " قيل للشعبي ما اليمين الغموس قال الذي يقتطع بها مال امرئ مسلم وهو فيها كاذب.
وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه " من حلف على يمين وهو فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقى الله عز وجل وهو عليه غضبان " وإن كان على مستقبل نظرت - فإن ان على أمر مباح - ففيه وجهان.
(أحدهما) الأولى أن لا يحنث لقوله عز وجل " ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها " (والثاني) أن الأول أن يحنث لقوله عز وجل " لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " فإن حلف على فعل مكروه أو ترك مستحب، فالأولى أن يحنث لما روت أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه ثم ليفعل الذي هو خير ".
(الشرح) قوله لان النبي صلى الله عليه وسلم جعل اليمين على المدعى عليه، وذلك لحديث البينة على من ادعى واليمين على المدعى عليه. وقد مضى تخريجه في البيوع في اختلاف المتبايعين.