فلما كانت الكفارة الواجبة هي الحب نفسه، فإنه لا يجزئ الدقيق والسويق والخبز فكذلك النفقة، وإن أعطاها قيمة الحب لم تجبر على قبولها، لان الواجب لها هو الحب فلا تجبر على أخذ قيمته، كما لو كان لها طعام قرض، وإن سألته أن يعطيها قيمته لم يجبر الزوج على دفع القيمة، لان الواجب عليه هو الحب فلا يجبر على دفع قيمته، فإن تراضيا على القيمة فهل يصح؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يصح لأنه طعام وجب في الذمة بالشرع فلم يصح أخذ العوض عنه كالكفارة.
(والثاني) يصح وهو الصحيح لأنه طعام وجب على وجه الرفق فصخ أخذ العوض عنه كالقرض. قال الصيمري والمسعودي: وتلزمه مؤنة طحنه وخبزه حتى يكون مهيئا لأنه هو العرف.
ولا نرى أن الحب أمر يطرد في جميع البلاد والمجتمعات، بل إن في بعض المدن كالقاهرة والإسكندرية وغيرهما ما يكون الحب كالحصى والتراب لا منفعة فيه ولا فائدة، ويتعين أن يعطى الزوج النفقة بما يمكنها من الطعام وييسر لها أسباب العيش أسوة بغيرها من النساء ولا يتحقق هذا بالحب، وإنما يتحقق بالقيمة، ويكون إعطاء القيمة منه أمرا لازما لا اختيار فيه لزوم النفقة نفسها.
قال الشافعي رضي الله عنه: وجماع المعروف إعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه وأداؤه إليه بطيب النفس لا بضرورته إلى طلبه ولا تأديته بإظهار الكراهية لتأديته وأيهما ترك فظلم، لان مطل الغنى ظلم ومطله تأخيره الحق. اه قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويجب لها الأدم بقدر ما يحتاج إليه من أدم البلد من الزيت والشيرج والسمن واللحم، لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: من أوسط ما تطعمون أهليكم. الخبز والزيت وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال " الخبز والزيت والخبز والسمن والخبز والتمر. ومن أفضل ما تطعمون أهليكم الخبز واللحم " ولان ذلك من النفقة بالمعروف.