لان الزيادة وجبت بالسراية، وإن كان أرش الطرف أكثر لم يجب ما زاد على دية النفس، لأنه لو مات وهو مسلم لم يجب عليه أكثر من دية مسلم فكذلك هاهنا مثله.
وقال أبو سعيد الإصطخري: يجب أرش الطرف بالغا ما بلغ، لان الدية إنما تجب في النفس في الموضع الذي لو كان دون الدية وصار نفسا وجبت الدية وهاهنا لا حكم للسراية في الزيادة فكذلك في النقصان. والأول أصح (فرع) إذا كان القصاص لصغير أو مجنون أو لغير رشيد لم يستوف الولي له، وبه قال أحمد وأبو يوسف وقال مالك وأبو حنيفة ومحمد يجوز للأب والجد أن يستوفى له القصاص في النفس والطرف، ويجوز للوصي والحاكم أن يستوفى إلا في الطرف دون النفس. دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم " فأهله بين خيرتين إن أحبوا اقتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية " فجعل الخيرة للأهل، فلو جعلنا للولي استيفاءه لفوتنا ما خير فيه، ولأنه لا يملك إيقاع طلاق زوجته فلا يملك استيفاء القصاص في النفس كالوصي.
فإذا ثبت هذا فإن القاتل يحبس إلى أن يبلغ الصبي ويفيق المجنون ويصلح المفسد - لان في ذلك مصلحة للقاتل بأن يعيش إلى مدة ويتأخر قتله - وفيه مصلحة لولي المقتول لئلا يهرب القاتل ويفوت القصاص، فإن أراد الولي أن يعفو عن القود على مال، فإن كان المولى عليه له كفاية لم يجز، وإن كان محتاجا إلى ذلك المال للنفقة ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لأنه محتاج إلى ذلك (والثاني) لا يجوز لأنه لا يملك استيفاء حقه من القصاص، ونفقته في بيت المال. وإن وثب الصبي أو المجنون فاقتص فهل يصير مستوفيا؟ فيه وجهان (أحدهما) يصير مستوفيا كما لو كانت له وديعة فأتلفها (والثاني) لا يصير مستوفيا وهو الأصح، لأنه ليس من أهل الاستيفاء، وإن كان القصاص لغائب حبس القاتل إلى أن يقدم كما قلنا فيه إذا كان لصغير أو مجنون. فإن قتل فهلا قلتم لا يحبس للغائب لأنه لا ولاية للحاكم على الغائب، كما لو كان لغائب مال مغصوب فليس للحاكم أن يحبس الغائب وينزع ماله المغصوب؟ فالجواب أن القود ثبت للميت