(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم) وقوله " أرض مسبعة " بالإضافة وفتح الميم أي ذات سباع، والزبية حفرة تحفر لينشب فيها السبع وجمعها زبا. قال ابن بطال فيها لغتان الضم والكسر، ونهسته بالسين المهملة، أي أخذته بمقدم أسنانها، ونهس الحية عضها. قال الراجز:
وذات قرنين طحون الضرس تنهس لو تمكنت من نهس ويقال نهسته بالشين. قال الزمخشري في الأساس: الفرق أن النهس بأطراف الأسنان والنهش بالأضراس.
أما الأحكام فإنه إذا حبس حرا وأطعمه وسقاه فمات وهو في الحبس فلا قود عليه ولا دية، سواء مات حتف أنفه أو بسبب كلدغ الحية وسقوط الحائط وما أشبهه. وقال أبو حنيفة إن كان صغيرا فمات حتف أنفه فلا شئ عليه، وان مات بسبب كلدغ الحية وسقوط الحائط فعليه الدية. دليلنا أنه حر فلا يضمنه باليد كما لو مات حتف أنفه، وأما إذا حبسه ومنعه الطعام والشراب أو أحدهما حتى مات نظرت - فإن حبسه عن ذلك مدة يموت مثله في مثلها غالبا - وجب عليه القود لأنه قتله بما يقتل غالبا، فهو كما لو قتله بالسيف، وإن كان مدة لا يموت مثله في مثلها بمنع الطعام والشراب فلا قود عليه ولا دية لأنا نعلم أنه مات بسبب آخر، ويعتبر حال المجوس: فإن حبسه وهو جائع فإنه لا يصبر عن الطعام إلا المدة القليلة، وإن كان شبعان فإن يصبر أكثر من مدة الجائع ويعتبر الطعام على انفراده والشراب على انفراده لان الانسان يصبر عن الطعام أكثر مما يصبر عن الشراب.
وإن أمكنه الخروج إلى الطعام والشراب فلم يخرج حتى مات قال الطبري فلا قود.
أما إذا أمسك رجل رجلا فجاء آخر فقتله وجب القود على القاتل دون الممسك إلا أن الممسك إن كان أمسكه مداعبة أو ليضربه فلا إثم عليه ولا تعزير وإن أمسكه ليقتله الآخر أثم بذلك وعزر. هذا مذهبنا وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وقال ربيعة يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت. وقال مالك إن حبسه ليضربه الآخر أو أمسكه ليضربه أو أمسكه مداعبة فجاء الآخر فقتله فلا قود عليه ولا دية، وان أمسكه ليقتله الآخر فعليه القود، ومذهب أحمد أنه