قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب اجتماع العدتين إذا طلق الرجل امرأته بعد الدخول وتزوجت في عدتها بآخر ووطئها جاهلا بتحريمها وجب عليها اتمام عدة الأول واستئناف عدة الثاني، ولا تدخل عدة أحدهما في عدة الاخر، لما روى سعيد بن المسيب وسليمان بن بشار " أن طليحة كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها فنكحت في عدتها فضربها عمر رضي الله عنه، وضرب زوجها بمخفقة ضربات، ثم قال أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، وكان خاطبا من الخطاب " وإن كان دخل بها فرق بنيهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، ثم اعتدت من الاخر ولم ينكحها أبدا ولأنهما حقان مقصودان لآدميين فلم يتداخلا كالدينين فإن كانت حائلا انقطعت عدة الأول بوطئ الثاني إلى أن يفرق بينهما، لأنها صارت فراشا للثاني فإذا فرق بينهما أتمت ما بقي من عدة الأول ثم استأنفت العدة من الثاني، لأنهما عدتان من جنس واحد فقدمت السابقة منهما.
وإن كانت حاملا نظرت فإن كان الحمل من الأول انقطعت عدتها منه بوضعه ثم استأنفت العدة من الثاني بالأقراء بعد الطهر من النفاس، وإن كان الحمل من الثاني انقضت عدتها منه بوضعه ثم أتمت عدة الأول، وتقدم عدة الثاني ههنا على عدة الأول لأنه لا يجوز أن يكون الحمل من الثاني وتعتد به من الأول، وان أمكن أن يكون من كل واحد منهما عرض على القافة، فان ألحقته بالأول انقضت به عدته، وان ألحقته بالثاني انقضت به عدته، وان ألحقته بهما أو نفته عنهما أو لم نعلم أو لم تكن قافة لزمها أن تعتد بعد الوضع بثلاثة أقراء، لأنه إن كان من الأول لزمها للثاني ثلاثة أقراء، وإن كان من الثاني لزمها اكمال العدة من الأول فوجب أن تعتد بثلاثة أقراء ليسقط الفرض بيقين، وان لم يمكن أن يكون من واحد منهما ففيه وجهان.