نهى عن بيع فضل الماء، فإذا ثبت أنه يلزمه البذل، فإنه لا يلزمه بذل آلته التي يستقي بها من البكرة والدلو والحبل وغير ذلك، لأن ذلك يبلى بالاستعمال، ويفارق الماء لأنه ينبع فيخلف وأما الماء الذي حازه وجمعه في حبه أو جرته أو كوزه أو بركته أو بئره أو مصنعه أو غير ذلك فإنه لا يجب عليه بذل شئ منه، وإن كان فضلا عن حاجته بلا خلاف، لأنه لا مادة له، هذا في ماء البئر، وأما العين الذين على ظاهر القرار، على صاحب القرار بذل الفاضل عن حاجته لماشية غيره مثل البئر سواء.
الكلام في المياه في فصلين: أحدهما في ملكها، والآخر في السقي منها.
فأما الكلام في ملكها، فهي على ثلاثة أضرب: مباح ومملوك ومختلف فيه.
فالمباح مثل ماء البحر والنهر الكبير مثل دجلة والفرات والنيل وجيحون وسيحان، ومثل العيون النابعة في موات السهل والجبل، فكل هذا مباح ولكل أحد أن يستعمل منه ما أراد كيف شاء بلا خلاف، لخبر ابن عباس المتقدم، وإن زاد هذا الماء فدخل إلى أملاك الناس واجتمع فيها لم يملكوه، كما أنه لو نزل مطر واجتمع في ملكهم أو ثلج فمكث في ملكهم أو فرخ طائر في بستانهم أو توحل ظبي في أرضهم أو وقعت سمكة في سماريطهم لم يملكوه، وكان ذلك لمن حازه بلا خلاف.
وأما المملوك فكل ما حازه من الماء المباح في قربة أو جرة أو بركة أو بئر جمعه فيها، فهذا مملوك له كسائر المائعات المملوكة من الأدهان والألبان وغيرها، ومتى غصب غاصب من ذلك، وجب عليه رده على صاحبه، وإن كان باقيا أو مثله إن كان تالفا.
وأما المختلف في كونه مملوكا فهو كل ما نبع في ملكه من بئر أو عين، فقد اختلف فيه على وجهين: أحدهما أنه مملوك، والثاني ليس بمملوك، وقد مضى ذلك، وقلنا: إن الأقوى على مذهبنا أنه مملوك، لأنه نماء في ملكه، ولا دليل على كونه مباحا، فمن قال إنه غير مملوك قال: لا يجوز بيعه ولا شئ منه كيلا ولا