احتاج الناس إليه لفقه فسألهم الرشوة (1) " وقد يستظهر من هذه الرواية حرمة أخذ الرشوة للحكم بالحق أو للنظر في أمر المترافعين ليحكم بعد ذلك بينهما بالحق وفيه نظر من جهة أن استعمال اللفظ في معنى معلوم لا يوجب كونه حقيقة فيه حتى يستكشف المعنى عند عدم القرينة على المشهور خلافا للسيد المرتضى - قدس سره - فنقول المتيقن من معنى الرشوة ما كان في قبال الحكم بالباطل، وعن مجمع البحرين قل ما يستعمل الرشوة إلا فيما يتوسل به إلى إبطال حق أو تمشية باطل وظاهر تفسير القاموس بالجعل التعميم وإليه نظر المحقق الثاني.
وقد يستدل على عدم التعميم برواية عمار المذكور حيث جعل فيها الرشاء في قبال أجور القضاة خصوصا بكلمة " أما " والاشكال المذكور متوجه. هذا ولكن لم يظهر ثمرة مهمة لتعيين مفهوم الرشوة بعد البناء على حرمة أجور القضاة كما يظهر من رواية عمار خلافا لظاهر المقنعة والمحكي عن القاضي من الجواز واستدل بظاهر رواية حمزة بن حمران قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من استأكل بعلمه افتقر قلت: إن في شيعتك قوما يتحملون علومكم يبثونها في شيعتكم فلا يعدمون منهم البر والصلة والاكرام. فقال عليه السلام: ليس أولئك بمستأكلين إنما ذلك الذي يفتي بغير علم ولا هدى من الله ليبطل به الحقوق طمعا في حطام الدنيا - الخبر (2) " واللام فيه إما للغاية أو للعاقبة وعلى الأول يدل على حرمة أخذ المال في مقابل الحكم بالباطل وعلى الثاني يدل على حرمة الانتصاب للفتوى من غير علم طمعا في الدنيا وعلى كل تقدير يظهر منه حصر الاستئكال المذموم فيما كان لأجل الحكم بالباطل أو مع عدم معرفة الحق فيجوز الاستئكال مع الحكم بالحق.
ويمكن أن يقال: فرق بين القضاء بين الناس والفتوى ولذا مع الاختلاف يؤخذ بالقضاء كما لو كان نظر أحد المتخاصمين في الفتوى إلى خروج منجزات المريض من الأصل والآخر من الثلث فترافعا عند الحاكم فقضى موافقا لأحدهما لا بد من التسليم ويكون