فمشكل، ألا ترى أنه لو كان إرادة الانسان متعلقة بما فيه خلاف المصلحة أو بما فيه المفسدة فعمل صديقه عملا أوجب انصرافه فهل يعد هذا إضرارا. ثم على تقدير الأخذ برواية الاحتجاج المذكورة وصدق السحر على ما ذكر فيها لا بد من إثبات حرمة كل ما يصدق عليه، وربما يستفاد من قول الملكين على ما في الخبر " إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم " التفصيل إذا أريد بالسحر دفع السحر الواقع فهو خارج. ومما يدل عليه ما في الكافي عن القمي (1) عن أبيه عن شيخ من أصحابنا الكوفيين قال: " دخل عيسى بن الثقفي على أبي عبد الله عليه السلام قال: جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الأجر وكان معاشي، وقد حججت منه وقد من الله علي بلقائك وقد تبت إلى الله من ذلك فهل لي في شئ من ذلك مخرج؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام:
حل ولا تعقد " والظاهر أن المراد كون كل من الحل والعقد بالسحر. ويدل عليه غير ما ذكر من الأخبار لكن بعد كون ما دل على الجواز غير نقية من جهة السند و إباء الأخبار الدالة على الحرمة بقول مطلق عن التخصيص وكون متعلم السحر بمنزلة الكافر يشكل القول بالجواز نعم لو شك في صدق السحر مقتضى الأصل الجواز.
وأما حرمة تعلم الكهانة فالظاهر عدم الخلاف فيها، وعن إيضاح النافع أن تعليمها و تعلمها واستعمالها حرام في شرع الاسلام، وفي الخبر " أن الكاهن كالساحر. وأن تعلم النجوم يدعو إلى الكهانة " وفي خبر مستطرفات السرائر " من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذاب فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله من كتاب " والكهانة قيل هي تعاطي الأخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان. وعن المغرب أن الكهانة في العرب قبل المبعث يروى أن الشياطين كانت تسترق السمع فتلقيه إلى الكهنة، وفي القواعد إن الكاهن هو الذي له رائد من الجن يأتيه بالأخبار، وعند الحكماء أن من النفوس ما تقوي على الاطلاع على ما سيكون من الأمور فإن كانت خيرة فاضلة فتلك نفوس الأنبياء والأولياء، وإن كانت شريرة فهي نفوس الكهنة.
ولا يخفى أنه على ما ذكر من التعريف ليست من الأمور التي يحصل بالتعليم والتعلم بل هي من الأمور التي تحصل بالرياضات فإن كانت موجبة لتسخير الجن