فلما وجّهوا الى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم جلس أبو حارثة على بغلة، والى جنبه أخ له يقال له: كرز، وبشر بن علقمة يسايره اذ عثرت بغلة أبي حارثة، فقال كرز: تعس الأبعد- يعني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- فقال له أبو حارثة: فقال بل أنت تعست، قال له: ولم يا أخ؟ فقال: واللَّه انه النبي الذي كنا ننتظره، قال كرز: فما يمنعك أن تتبعه؟ فقال: ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرفونا وموّلونا وأكرمونا وقد أبوا الّا خلافه ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى فأضمر عليها منه أخوه كرز حتى أسلم، ثم مرّ يضرب راحلته ويقول:
اليك تغدو قلقاً وضينها | معترضاً في بطنها جنينها |
مخالفاً دين النصارى دينها
فلما قدم على النبي أسلم، قال: فقدموا على رسول اللَّه وقت العصر وفي لباسهم الديباج وثياب الحبرة على هيئة لم يقدم بها أحد من العرب، فقال أبو بكر:
بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه لو لبست حلّتك التي أهداها لك قيصر فرأوك فيها، قال: ثم أتوا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فسلّموا عليه فلم يرد عليهم