عبادة العباد. وأدعوكم الى ولاية اللَّه من ولاية العباد فان أبيتم فالجزية، فان أبيتم فقد آذنتكم بحرب، والسلام» «1».
وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لا يقاتل قوماً حتى يدعوهم، فازداد القوم لو رود رسل نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وكتابه نفوراً واقتراحاً ففزعوا لذلك الى بيعتهم «2» العظمى وأمروا ففرش أرضها وألبس جدرها بالحرير والديباج، ورفعوا الصليب الأعظم، وكان من ذهب مرصّع أنفذه اليهم القيصر الأكبر .. فاجتمع القوم جميعاً للمشورة والنظر في أمورهم وأسرعت اليهم القبائل من مذحج وعك وحمير وأنمار ومن دنا منهم نسباً وداراً من قبائل سبا وكلهم قد ورم أنفه غضباً لقومهم ونكص من تكلّم منهم بالاسلام ارتداداً فخاضوا وأفاضوا في ركز المسير بنفسهم وجمعهم الى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله والنزول به بيثرب لمناجزته. وتكلم أبو حارثة حصين بن علقمة أسقفهم الأول، وكرز بن سيرة الحارثي وكان يومئذ زعيم بني الحارث بن كعب وفي بيت شرفهم، والمعصبّ فيهم وأمير حروبهم والعاقب واسمه عبد المسيح بن شرحبيل وهو يومئذ عميد القوم وأمير رأيهم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون جميعاً الّا عن قوله، والسيد واسمه أهتم بن النعمان وهو يومئذ أسقف نجران وكان نضير العاقب في علوّ المنزلة وجهير بن سراقة، وحارثة بن أثاك. فلما فلج حارثة على السيد، والعاقب بالجامعة وما بيّنوه في الصحف القديمة ولم يتمّ لهما ما قدروا من تحريفها ولم يمكنهما ان يلبسا على الناس في تأويلها، امساكاً عن المنازعة من هذا الوجه وعلما أنهما قد أخطآ سبيل الصواب فصارا الى بيعهم آسفين، وفزع اليهما نصارى نجران