وسقط في يدي، وقلت: إني غداً آتيه وآمره بالصبر وأعده من اللَّه بالفرج وأخبره بمقالة هذا الرجل المتجبر.
قال: فلما كان من الغد، باكرت السجن فإذا أنا بالحرس والجند وأصحاب السجن وناس كثير في همرجة فسألت: ما الخبر: فقيل لي: ان الرجل المتنبي المحمول من الشام فقد البارحة من السجن وحده بمفرده واصبحت قيوده والاغلال التي كانت في عقنه مرمى بها في السجن، لا ندري كيف خلص منها، وطلب فلم يوجد له أثر ولا خبر، ولا يدرون أغمس في الماء أم عرج به الى السماء، فتعجبت من ذلك، وقلت: استخفاف ابن الزيات بأمره واستهزاؤه بما وقع به على قصته، خلّصه من السجن» «1».
قال ابن الصباغ: «وحكي انّه لما توجّه أبو جعفر منصرفاً من بغداد الى المدينة الشريفة خرج معه الناس يشيعونه للوداع فسار الى أن وصل الى باب الكوفة عند دار المسيّب، فنزل هناك مع غروب الشمس ودخل الى مسجد قديم مؤسس بذلك الموضع ليصلي فيه المغرب، وكان في صحن المسجد شجرة نبق لم تحمل قط، فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل الشجرة وقام يصلي فصلى معه الناس المغرب فقرأ في الأولى الحمد وإذا جاء نصر اللَّه والفتح، وقرأ في الثانية بالحمد وقل هو اللَّه أحد، ثم بعد فراغه جلس هنيئة يذكر اللَّه تعالى، وقام فتنفّل بأربع ركعات وسجد بعدهنّ سجدتي الشكر، ثم قام فودع الناس وانصرف، فأصبحت النبقة وقد حملت من ليلتها حملًا حسناً، فرآها الناس وقد تعجبوا من ذلك غاية العجب. ثم ما كان هو أغرب وأعجب من ذلك أن نبقة هذه الشجرة لم