رجلًا محبوساً أتي به من الشام مكبّلًا بالحديد، وقالوا انه تنبّأ، فأتيت باب السجن ودفعت شيئاً للسجان، حتى دخلت عليه فإذا برجل ذي فهم وعقل ولب، فقلت:
يا هذا ما قصتك؟ قال: اني كنت رجلًا بالشام أعبد اللَّه تعالى في الموضع الذي يقال انه نصب فيه رأس الحسين عليه السّلام.
فبينما أنا ذات يوم في موضعي مقبل على المحراب أذكر اللَّه إذ رأيت شخصاً بين يدي فنظرت اليه فقال: قم، فقمت معه فمشى قليلًا فإذا أنا في مسجد الكوفة فقال لي: عرف هذا المسجد؟ قلت: نعم هذا مسجد الكوفة، قال فصلى، فصليت معه، ثم خرج، فخرجت معه، فمشى قليلًا فإذا نحن بمكة المشرفة فطاف بالبيت فطفت معه، ثم خرج فخرجت معه فمشى قليلًا فإذا أنا بموضعي الذي كنت فيه بالشام، ثم غاب عني.
فبقيت متعجباً مما رأيت، فلما كان في العام المقبل وإذا بذلك الشخص قد أقبل عليَّ فاستبشرت به فدعاني فاجبته، ففعل بي كما فعل بي بالعام الماضي، فلما أراد مفارقتي قلت له: سألتك بحق الذي اقدرك على ما رأيت منك الّا ما أخبرتني من أنت؟ فقال: أن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب.
فحدثت بعض من كان يجتمع لي بذلك فرفع ذلك إلى محمّد بن عبد الملك الزيات فبعث اليَّ من أخذني من موضعي وكبّلني في الحديد وحملني الى العراق وحبسني كما ترى وادّعى علي بالمحال. قلت له: فارفع عنك قصّة الى محمّد بن عبد الملك الزيات، قال: افعل. فكتبت عنه قصة وشرحت فيها أمره ورفعتها الى محمد ابن عبد الملك، فوقع على ظهرها: قل للذي اخرجك من الشام الى هذه المواضع التي ذكرتها يخرجك من السجن الذي أنت فيه. فقال ابن خالد: فاغتممت لذلك