حسب ما له من مرتبة الوجود، فالواجب لذاته رب للعالم مدبر لأمره بالإيجاد بعد الايجاد، وليس للعلل المتوسطة إلا أنها مسخرة للتوسط من غير استقلال، وهو المطلوب، فمن المحال أن يكون في العالم رب غيره، لا واحد ولا كثير.
على أنه لو فرض كثرة الأرباب المدبرين لأمر العالم - كما يقول به الوثنية (1) - أدى ذلك إلى المحال من جهة أخرى وهي فساد النظام. بيان ذلك: أن الكثرة لا تتحقق إلا بالآحاد ولا آحاد إلا مع تميز البعض من البعض، ولا يتم تميز إلا باشتمال كل واحد من آحاد الكثرة على جهة ذاتية يفقدها الواحد الآخر، فيغاير بذلك الآخر ويتمايزان، كل ذلك بالضرورة، والسنخية بين الفاعل وفعله تقضي بظهور المغايرة بين الفعلين حسب ما بين الفاعلين، فلو كان هناك أرباب متفرقون، سواء اجتمعوا على فعل واحد أو كان لكل جهة من جهات النظام العالمي العام رب مستقل في ربوبيته كرب السماء والأرض ورب الإنسان وغير ذلك، أدى ذلك إلى فساد النظام والتدافع بين أجزائه، ووحدة النظام والتلازم