إليه، ومجموع الممكنات المسمى بعالم الإمكان وبما سوى البارئ (تعالى) ليس شيئا وراء أجزائه، فحكمه حكم أجزائه، فالعالم بجميع أجزائه حادث ذاتا مسبوق الوجود بوجود الواجب لذاته.
ثم إنا لو أغمضنا عن الماهيات وقصرنا النظر في الوجود بما أنه الحقيقة الأصيلة، وجدنا الوجود منقسما إلى واجب لذاته قائم بذاته مستقل في تحققه وثبوته وممكن موجود في غيره رابط قائم بغيره الذي هو الواجب، كان كل وجود إمكاني مسبوقا بالوجود الواجبي حادثا هذا النحو من الحدوث، وحكم مجموع الوجودات الإمكانية حكم أجزائه، فالمجموع حادث بحدوثه.
ثم إن لعالم المادة والطبيعة حدوثا آخر يخصه وهو الحدوث الزماني. تقريره:
أنه قد تقدم في مباحث القوة والفعل (1) أن عالم المادة متحرك بجوهره وما يلحق به من الأعراض، سيال وجودا، متجدد بالهوية، سالك بذاته من النقص إلى الكمال، متحول من القوة، منقسم إلى حدود، كل حد منها فعلية لسابقه قوة للاحقه، ثم لو قسم هذا الحد بعينه كان كلما حدث بالإنقسام حد كان فعلية لسابقه قوة للاحقه.
وإن هذه الحركة العامة ترسم امتدادا كميا كلما فرض منه قطعة انقسمت إلى قبل وبعد، وكذا كل قبل منه وبعد ينقسمان إلى قبل وبعد، من غير وقوف على حد ما ذكر في الحركة التي ترسمه، وإنما الفرق بين الإمتدادين أن الذي للحركة مبهم والذي لهذا الامتداد العارض لها متعين، نظير الفرق بين الجسم الطبيعي والجسم التعليمي.
وهذا الامتداد الذي يرسمه جوهر العالم بحركته هو الزمان العام الذي به تتقدر الحركات وتتعين النسب بين الحوادث الطبيعية بالطول والقصر والقبلية والبعدية، وقبليته هي كونه قوة للفعلية التي تليه، وبعديته هي كونه فعلية للقوة التي تليه.
فكل قطعة من قطعات هذه الحركة العامة الممتدة أخذناها، وجدناها مسبوقة بعدم زماني، لكونها فعلية مسبوقة بقوة، فهي حادثة بحدوث زماني. ومجموع هذه