الذي يميل إليه الإشراقيون، وذهب إليه شيخ الاشراق (1)، واختاره صدر المتألهين قدس سره (2). واستدل عليه بوجوه:
أحدها (3): أن القوى النباتية من الغاذية والنامية والمولدة أعراض حالة في جسم، موضوعها متغيرة بتغيره متحللة بتحلله فاقدة للعلم والإدراك، فمن المحال أن تكون هي المبادئ الموجدة لهذه التراكيب العجيبة التي لموضوعاتها والأفعال المختلفة والأشكال والتخاطيط الحسنة الجميلة التي فيها مع ما فيها من النظام الدقيق المتقن المحير للعقول، فليس إلا أن هناك جوهرا عقليا مجردا يعتنى بها ويدبر أمرها ويهديها إلى غاياتها في الوجود.
وفيه: أن هذا الدليل لو تم دل على أن هذه الأعمال العجيبة والنظام الجاري فيها تنتهي إلى جوهر عقلي ذي علم، وأما قيامه بجوهر عقلي مباشر لا واسطة بينه وبين الجسم النباتي فلا، فمن الجائز أن ينسب ما نسبوه إلى هذا الجوهر العقلي إلى الصورة الجوهرية التي بها تتحقق نوعية النوع وفوقها العقل الفعال الذي هو آخر سلسلة العقول الطولية.
الثاني (4): أن الأنواع الطبيعية المادية بما لها من النظام الجاري فيها دائما ليست موجودة عن اتفاق، فالأمر الإتفاقي لا يكون دائميا ولا أكثريا، فلهذه الأنواع علل حقيقية، وليست هي التي يزعمونها من الأمزجة ونحوها، إذ لا دليل يدل على ذلك، بل العلة الحقيقية التي يستند إليها كل منها جوهر عقلي مجرد ومثال كلي يعتنى به ويوجده ويدبر أمره، والمراد بكليته استواء نسبته إلى جميع