لقد صرح الامام أمير المؤمنين (ع) بهذه الحقيقة النفسية في كمال الوضوح حين قال : «ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه» (1).
يمثل فرويد للكلام الساهي العابث بمثال ننقطه نصا:
«يقف معلم في حصة الانشاء بالنسبة إلى موضوع إنشائي أعده أحد تلاميذه. على سبيل التمجيد به، ويقول خطأ: (لا أعلم كيف أذم!) إن المعلم بحسب فحواه الإرادية وأفكاره الشعورية لما كان في مقام التمجيد فلا بد أنه كان يريد أن يقول: (أمدح). ولكنه لما كان عالما بتفاهة الموضوع الانشائي الذي كتبه التلميذ فكان مقصوده متوجها نحو (المذمة) نفسها. وعلى هذا فان فلتة المعلم في كلامه كشفت عن نيته الأصلية والباطنية تلك النية التي كان يريد أن يسترها بإرادته الشعورية لمبررات خاصة ويظهرها في صورة المدح والتمجيد. وفي الحقيقة فإنه في حين ارتكاب تلك الخطأة قد عبر عن عقيدته التي كان يبطنها، ولكنه كان يتفادى ظهورها» (2).
وإذا حاول أحد أن يختصر هذه العبارة، ويوجز هذا النص فلن يستطيع أن يأتي بأجمع وأشمل من كلام الامام أمير المؤمنين (ع). فسلام على روح طاهرة من إمام كشف كثيرا من الحقائق العلمية قبل أربعة عشر قرنا في عبارات قصيرة وجمل مفيدة.
لقد أخطأ (فليسين شاله) حين ادعى أن هذا الموضوع لم يخطر ببال أحد حتى زمان فرويد، وإن حديثه لا يستند إلى بحث علمي متين فليس (فرويد) أول من تنبه إلى فلتات اللسان. لقد سبقه إليها قائد الاسلام العظيم في عبارة قصيرة جدا بكل صراحة ، وأوضح دورها في كشف الأسرار المخبوءة.