الأدب: لقد شرفت يا عمي العزيز، أهلا وسهلا بك، قرت الأعين بك، تقبل الله الزيارة أرجو أن تكون قد استأنست كثيرا بزيارة (كرج). العم يبتسم، ثم يتشكر منها ولكنه يقول:
أنا لم أذهب إلى كرج بل كنت ذاهبا إلى مشهد، وهنا تضطرب الفتاة وتحس بارتباك شديد وتعتذر من خطأتها.
إن الاتيان بكلمة (كرج) بدلا من (مشهد) يمكن أن يعد أمرا اعتياديا جدا في أنظار الناس، وربما يحمل الأمر عندهم على خطأة لفظية، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى عالم نفساني. فإن لكلمة (كرج) التي فلتت من لسان الفتاة جذورا في نفسها. فيجب البحث عن منشأ هذه الكلمة، خصوصا وأن الفتاة قد تغير لونها وارتبكت بعد أن عرفت أنها أخطأت فإن عينيها المضطربتين ووضعها المرتبك يكشفان عن بركان ثائر في باطنها.
قد تنبعث من النار المستورة بالرماد شرارة ترشدنا إلى أن في قلب الرماد نارا، وإن فلتان اللسان والحركات غير الإرادية تشبه الشرارة المنبعثة من باطن الرماد والتي يمكن الاستناد إليها في الوصول إلى الضمير الباطن.
«من المتاهات التي أخضعها فرويد لبحوثه في بدء اختراعاته هي الأفعال الساهية ، إن المراد من الأفعال الساهية في اصطلاح النفسيين، هو الأفعال التي تصدر من الانسان وهي فاقدة للأهمية في بداية الأمر. كالاشتباه في استعمال الألفاظ أو العبارات. إن علم النفس القديم كان يعزو - عبثا - هذه الاشتباهات وهذا النوع من السهو في الكلام إلى الصدفة والتعب الفكري، والذهول وعدم الدقة.
أما فرويد فلم يكتف بهذه الايضاحات وأخذ يبحث بدقة أكثر، لماذا ينفضح الذهول ؟ وما معنى الذهول أصلا؟ أليس سوى ظهور الأفكار والتوجيهات التي لا يراد لها الظهور في وقت ما؟ لماذا لا يقع عمل إرادي، ويقع بدلا منه عمل من دون أن يريده شخص؟ نحن نفكر، نريد أن نتكلم وفجأة نعبر بعبارة أخرى غير التي كنا قد أعددنا لها في أذهاننا لماذا؟ لا بد من