وخارجا عن، وحيث كانوا يعتبرون المظهر لكل إرادة خارجة عن قدرة الانسان الخارجة عن الأرض متمثلا في الآلهة، اضطروا لاعتبار الأحلام نوعا من الظهور الجسماني لإرادتهم، حيث كانوا يبشرون الأفراد بالخير والأمل أو يتنبأون لهم بوقوع المآسي والحوادث المؤلمة. وبالتدريج فقد برز الكهنة في تأويل إشارات الحلم الغامضة، وتفسير أسراره الدقيقة، ومن هنا صار علم تفسير الأحلام من العلوم البدائية في المجتمع الانساني، علما له أهمية في الحياة اليومية الناس: لأن الكهنة على خلاف علماء النفس المعاصرين الذين يسعون في تفسير الأحلام إلى البحث عن حياة الانسان الماضية، كانوا يعملون في تفسير الأحلام على اصطناع أخبار عن المستقبل على لسان الآلهة ونشرها» (1). إن بعض الفلاسفة لم يبتعدوا كثيرا عن طريق الكهنة في تفسير الحلم على ضوء عالم ما وراء الطبعية، ويقولون بأن منشأ الحلم هو نشاط خاص للروح التي تصعد إلى العالم الأعلى كما يقول (شوبر) : إن النوم عبارة عن انطلاق الخاطر عن قيد العالم الخارجي وخلاص الروح من أسر المادة» (2).
«أما الأطباء الذين يكتبون حول الأحلام فإنهم - بخلاف الفلاسفة - لا يعتبرون الحلم عملا روحيا. بل يرون أن صور الأحلام هي نتاج حركات الجسم والحواس التي تصل من العالم أو من اختلاج الأعضاء الباطنية إلى النائم وعلى هذا يجب اعتبار الحلم أمرا تافها شبيها بلحن يخرجه انسان لا يجيد الضرب على الآلة الموسيقية، كما يقول (بينز): إن الحلم عمل جسماني، تافه دائما، وناشىء من المرض في الغالب. يقولون: إن العوالم الخاصة بالأحلام