لم يكن امرؤ منها في حبرة (1) إلا أعقبته بعدها عبرة، ولم يلق في سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا (2). وحري إذا أصبحت له منتصرة أن تمسي له متنكرة. وإن جانب منها احلولى، أمر منها جانب فأوبى (3). لا ينال امرؤ من غضارتها رغبا (4) إلا أرهقته من نوائبها تعبا! ولا يمسي منها في جناح أمن إلا أصبح على قوادم خوف (5)!
كم من واثق بها قد فجعته، وذي طمأنينة إليها قد صرعته، وذي أبهة (6) قد جعلته حقيرا، وذي نخوة قد ردته ذليلا. ملكها مسلوب، وعزيزها مغلوب، وموفورها منكوب، وجارها محروب (7)!
ألستم في مساكن من كان قبلكم أطول أعمار ا، وأبقى آثارا، وأبعد آمالا، وأعد عديدا، وأكثف جنودا! تعبدوا للدنيا أي تعبد، وآثروها أي إيثار، ثم ظعنوا عنها بغير زاد! فهل بلغكم أن الدنيا سخت لهم نفسا بفدية، أو أعانتهم بمعونة، أو أحسنت لهم صحبة!