استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم) (1) وهذا الكلام نص صريح في وجوب دوام الحجة وبقاء الخليفة في الأرض ما دام التكليف باق لا يموت واحد حتى يخلفه من يقوم مقامه وحمل ابن أبي الحديد هذا الكلام على الأبدال السائحين (2) في الأرض فاسد يرد قوله (عليهم السلام): (وخائفا مغمورا) فإن الأبدال الذين عناهم ابن أبي الحديد لا خوف عليهم من أحد ثم إنه من أين يكون لأحد هذا المقام الذي ذكره أمير المؤمنين (عليه السلام) وهذه الأوصاف غير الأئمة بالمعنى الذي قدمناه خصوصا قوله (عليه السلام): (لئلا تبطل حجج الله وبيناته " وقوله: " هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة " إلى آخر الأوصاف إذ من المعلوم البتة أنه ليس أحد من المقلد الذين لا يعرفون الحلال والحرام إلا من فتوى إلى أبي حنيفة ومالك والشافعي وأضرابهم الذين يقيسون الدين برأيهم بقائم لله بالحجة وهو مقلد لمن لم يقم بها فمن أين هجم العلم بهؤلاء على حقيقة البصيرة؟ بل من أين حصلت لهم البصيرة هم مقلدون لمشايخهم، وهم مختلفون؟ والخارج عن تقليد المشائخ الأربعة غير صحيح العبادة عند المعتزلي فمن أين يكون قائما بحجة الله إلى آخر الأوصاف؟ ومن أرادهم بقوله لم ينالوا من البصيرة ما يبل صدى الظمئان؟ على إنا لا نعرف الأبدال السائحين في الأرض ولم ندرك منهم من هو مصداق هذه الأوصاف حتى نجعل من لم نره منهم بحكمه كما رأينا الإمام الظاهر وجعلنا الغائب بحكمه بل إنا لا نعرف السائحين إلا القوم الذين يقال لهم الكلندرية والعامة يسمونهم أولياء ويطلق عليهم الناس لفظ الدراويش وهؤلاء قوم لا يصلون فضلا عن أن يكونوا يحسنون الصلاة افترى هؤلاء الذين عناهم أمير المؤمنين بأن باشروا
(٩٠)