وقد كان عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي: تعرض لذلك في مواطن عديدة في شرحه على نهج البلاغة، وتحامل على الإمامية، وانبرى لنقض أقوالهم بكل ما أوتي من بلاغة في القول، وبراعة في الكلام.
وذلك ما حدى بطائفة من علماء الإمامية لإفراد كتب في الرد عليه.
وكان من جملة من تصدى للرد على ابن أبي الحديد، ونقض كلامه صاحب " منار الهدى " وفي أثناء رده على ابن أبي الحديد تعرض أيضا للرد على علاء الدين علي بن محمد القوشجي المتوفى سنة 879 ه من أكابر علماء الأشاعرة في كلامه حول الإمامة في كتابه المعروف ب (الجديد في شرح التجريد) أي تجريد الاعتقاد لنصير الدين الطوسي إذ لا يقل عن ابن أبي الحديد في الميل على الإمامية، والطعن في عقائدهم كما ستطلع على الكثير من ذلك في ثنايا هذا الكتاب.
أما صلتي ب (منار الهدى) وعملي فيه، فأني كنت قد اطلعت على هذا الكتاب مصادفة قبل أربعين عاما تقريبا في مكتبة أحد الأعلام في كربلاء فتصفحت جملا من فصوله في صفحات مختلفات فاستحسنت بعضها، وراقني كثير منها، ثم لم أره بعد ذلك الحين إلا قبل ثلاث سنوات أثناء إقامتي في البحرين فهاجت بي الذكرى، وأخذني الحنين إلى أيام الشباب، فأعدت النظر فيه، فرأيت أن أخرج مصادره، وأعلق عليه ففطنت لشئ فيه هو أن المؤلف قوي الحجة، ناصع البرهان إلا أن في لهجته شيئا من الغلظة والشدة على خصميه - المعتزلي والقوشجي - كنت أتمنى لو أنه كان لين العريكة معهما، فرأيت أن أخفف منها، وألطف بعضها بشئ من التنقيح والتهذيب على أن لا أغير شيئا من معناه وأن تغير شئ من مبناه، وقد حاولت أن أحافظ على عبارات المؤلف ما وجدت إلى ذلك سبيلا.
ولا يسمى عملي هذا تصرف في الكتاب، أو تحريف له فالتنقيح