وبغيا وليكونن في هذه الأمة عبرة يعتبر به الناس من بعده) (1) وهذا الخبر صريح في حصول الغدر بأمير المؤمنين (عليه السلام) من الأمة، وقد علمت أن الغدر لا يكون إلا بنقض عهد سابق ويثبت المطلوب بمثلما تقرر في الحديث الأول، ثم إنه (صلى الله عليه وآله) ذكر الغدر والبغي فيكون الغدر إشارة إلى ما فعله به القوم بعد النبي (صلى الله عليه وآله) من تقدمهم عليه في الخلافة والبغي إشارة إلى ما فعله تابعوهم من خلافه وحربه بعد بيعة الناس له.
ومنها: ما رواه عن جابر الجعفي عن محمد بن علي قال: قال علي (عليه السلام): (ما رأيت منذ بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) رخاء لقد أخافتني قريش صغيرا وأنصبتني كبيرا حتى قبض الله رسوله (صلى الله عليه وآله) فكانت الطامة الكبرى، والله المستعان على ما يصفون) (2) فلو قال قائل لابن أبي الحديد: أخبرنا عن هذه الطامة بعد موت النبي (صلى الله عليه وآله) التي جعلها علي (عليه السلام) أكبر من إخافة المشركين إياه وحربهم إياه في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما هي، أهي ترك الأولى كما ذكرت وليس كما ذكرت، فترك الأولى لا يساوي بحرب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحرب ناصره لأن ذا كفر، وترك الأولى غير حرام، فكيف يساوي الجائز بالكفر؟ فما ظنك إذا زيد عليه وقيل إنه أكبر من الكفر، هذا ما لا يجوز اعتقاده، أم هي إنكار القوم النص على علي (عليه السلام) من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وحجده ومخالفته كما نقول، وهو كما نقول، فيثبت النص وضلال القوم بخلافه فما نره يجيب عن هذا السؤال فالعجب كل العجب منه إذ