إلى غير ذلك مما لا يسع المقام نقله وهو مذكور في كتاب خصمنا وغيره، فأنى تنتقض العرب على هذا لولا ما جرى عليه، وقد صرح هو (عليه السلام) بهذا المعنى وبنينه فيما - رواه ابن أبي الحديد عن عوانة عن يزيد بن جرير عن الشعبي عن شقيق بن سلمة أن عليا (عليه السلام) لما انصرف إلى رحله بعد مبايعة عبد الرحمن لعثمان قال لبني أبيه: (يا بني عبد المطلب إن قومكم عادوكم بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) كعداوتهم النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته، وإن يطع قومكم لا تؤمروا أبدا، ووالله لا ينيب هؤلاء إلى الحق إلا بالسيف) وعبد الله بن عمر داخل عليهم قد سمع الكلام كله فدخل وقال: يا أبا الحسن أتريد أن تضرب بعضهم ببعض فقال: (اسكت ويحك لولا أبوك وما ركب مني قديما وحديثا ما نازعني ابن عفان ولا ابن عوف) (1)، الخبر وهو مصرح بما قلناه أن جرأة المتأخرين عليه إنما كانت بسبب الرجلين السابقين وما فعلاه من إخراجه عن مقامه وسترهما فضائله ومزاياه، ولولا جرأتهما عليه وتقدمهما قبله لم يخالفه أحد من الناس، ولا جسر على مقامه واحد من المسلمين، ولا رام التقدم عليه في الأمر ابن حرة أبدا وقد تقدم قبل هذا من كلام معاوية في كتابه جوابا لمحمد بن أبي بكر (رحمه الله) ما يصرح بهذا المعنى، وبعد فهل رأيت أحدا من العرب خالفه حين بويع من تلقاء نفسه بدون تسويل أحد من الصحابة وإملائهم لهم، وتزيينهم لهم فرقته ومخالفته حتى يخالفه من تلقاء نفسه لو ولى الأمر عفوا بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، هؤلاء أهل البصرة قد انقادوا إلى طاعته ورضوا ببيعته، وأطاعوا عما له، ونفذت فيهم أحكامه وأوامره ونواهيه، ولم يسخط أحد إمارته، ولا
(٤٧١)