الأولين بنص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهما وقد حصل الاتفاق على رده بيعة أبي بكر حتى أخرج إليها قهرا وقد شرحنا ذلك فيما مر فكيف يعترف بالنص ويخالفه وهو منزه عن مخالفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع الأمور، ولتضمنها نسبة أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى نفسه ما صح عند المؤالف والمخالف أنه لم يفعله ومن جملته أنه يغزو إذا أغزاه أبو بكر وعمر وعثمان وقد صح عند كل أهل الرواية أنه لم يخرج من المدنية غازيا في زمان الثلاثة قط وامتناعه عن الخروج مع عمر إلى الشام حين دعاه إليه معروف (1)، ومذاهبه المخالفة للثلاثة مشهورة، وفي كتب القوم مذكورة، وتصريحه بدفعهم إياه وأخذهم حقه وغصبهم مقامه على ذروات المنابر معلوم، قد بيناه في مواضع من هذا الكتاب يستغنى بشرحه فيها عن ذكره هنا، وكلما كان من الروايات مخالف للمعلوم فالواجب رده والحكم عليه بالبطلان خصوصا إذا كان مما يختص به المدعي ولم يروه خصمه كهذه الرواية، على أن هذا الرجل قد ذكر قبل الوجه المذكور بقليل أن عليا قد احتج بالخبر على إمامته في خلافته فكيف يعتبر باحتجاج علي (عليه السلام) على إمامته بالخبر ثم يقول ولم يطل الكلام أن عليا قد اعترف بعدم النص عليه! فانظر إلى هذا التضاد الشديد البين في كلامه فيا سبحان الله ما أبعد هؤلاء الجماعة عن التأمل فيما يقولون؟ وقد بينا سابقا أن الحديث المذكور قد احتج به أمير المؤمنين (عليه السلام) على أهل الشورى في اختصاصه بالإمامة دون غيره باعتراف الخصوم من معتزلة وأشاعرة فلا وجه لتخصيص الصبان احتجاجه (عليه السلام) بالحديث بأيام خلافته، ثم يقال له: إذا كان علي قد احتج به على إمامته في خلافته باعترافك فوجب أن يكون حجة على ذلك أبدا إذ لا تخصيص فيه بوقت، بل هو صريح في تناول جميع
(٢٥٠)