على عباده به ولأن المكلف إذا علم بوجود إمام في العالم يجوز ظهوره وتسلطه على الرعية فيعاقب العصاة ويؤدب الجناة كان إلى فعل الطاعة والانزجار عن المعصية أقرب منه إذا علم انتفاء وجوده فيحصل من وجوده اللطف وإن لم يتصرف، وتصرفه الظاهر لطفا آخر لا يفوت الأول بفواته وعدمه إنما جاء من قبل المكلفين وسوء اختيارهم حيث أخافوا الإمام وتركوا نصرته ففوتوا أنفسهم مصلحة تصرفه في إنفاذ الأحكام وإقامة الحدود وأخذ الحقوق وإعزاز الدين وحماية الإسلام والمسلمين حتى ألجئوه إلى الاستتار والغيبة.
وحاصل هذا الوجه أن الواجب على الله في الحكمة إيجاد الإمام ودلالة العباد عليه وليس يجب على الله تصيير العباد منقادين لحكم الإمام ومطيعين لأمره، بل الواجب في حكمة الله أمرهم بطاعته والواجب عليهم الانقياد له والتسليم لأمره والرضا بحكمه ونصرته على من ناواه، وقد قال تعالى لنبيه:
[فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيها شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما] (1) والله سبحانه قد فعل ما وجب في حكمته فأوجد الإمام ودل عليه وأمر بطاعته بقوله: [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم] (2) والعباد لم يفعلوا ما وجب عليهم من الطاعة للإمام فكان فوات اللطف الظاهر وهو تصرف الإمام منهم ولذا قال بعض المحققين: " التحقيق أن اللطف في أمر الإمامة يتم بأمور منها ما يجب على الله تعالى وهو خلق الإمام وتمكينه من القدرة والعلم والنص عليه باسمه ونسبه وهذا قد فعله الله تعالى، ومنها ما يجب على الإمام وهو تحمله الإمامة