لكي يبايع له، فقال له عبد الرحمن ابن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا، فقال: إن هذا الذي أنزل الله فيه " والذي قال لوالديه أف " الآية (1).
قال الحافظ في (الفتح) في رواية الإسماعيلي من الطريق المذكور: فأراد معاوية أن يستخلف يزيد - يعني ابنه - فكتب إلى مروان بذلك فجمع مروان الناس فخطبهم فذكر يزيد.
قال الحافظ في (الفتح) عن نافع: إن معاوية أراد من ابن عمر أن يبايع يزيد فأبى وقال: لا أبايع لأميرين. فأرسل إليه معاوية بمائة ألف درهم، فأخذها فدس إليه رجلا فقال له: ما يمنعك أن تبايع؟
فقال: إن ذاك لذاك، (يعني عطاء ذلك المال لأجل وقوع المبايعة)، أن ديني عندي لرخيص، فلما مات معاوية كتب ابن عمر إلى يزيد ببيعته، فلما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي يقول " ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة " وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله (2).
وفي الفتح: لم يبايع ابن عمر عليا، وبايع يزيد (3).
وفي الإمامة والسياسة (ما حاصله): إن معاوية لما جوز عزل المغيرة بن شعبة من الكوفة وتفطن هو به فذهب إلى دمشق، واعتذر بكبر سنة واستعفى الإمارة، ووصل إلى يزيد فتملقه وقال له: إن أكابر الصحابة قد ماتوا، وما بقي أحد منهم، وليس أحد بمثلك فناسب أن يعهد إليك أبوك، ويدعو الناس إلى بيعتك حتى يستقر رعبك في قلوب الناس. فتقبل منه يزيد، وذهب إلى أبيه، وطلب معاوية المغيرة وسأله اسرارا فقال له: ناسب أن يكون ولي عهدك في حياتك. ففوض معاوية الكوفة إليه، فذهب إلى الكوفة وأرضى عشرة ببيعة يزيد، وأعطى كل واحد منهم ثلاثة آلاف درهم وأرسلهم إلى معاوية مع موسى ابنه فسأله معاوية: كيف اشترى أبوك دين هؤلاء؟ فقال ما كان فاستبشر.
وأما أهل الشام فقد كانوا منقادين لأمره، ولم يتعسر عليه إقناعهم، بل خطبهم على المنبر فقبلوه أحسن القبول، وبايعوا يزيد على الرأس والعين (4).
وكان عبد الرحمن بن خالد ابن الوليد مدعيا للخلافة، وكان عاملا على حمص فمرض فأمر معاوية طبيبا أن يسقيه السم ففعل به فمات وفرغ معاوية منه، كذا ذكره في الإستيعاب: " وما وفي معاوية بطبيب بإعطاء أجره " (5).
وولى سعيد بن عثمان على خراسان، وأعطاه أربعين مائة درهم، وجيشا مناسبا وأرسله وفرغ منه.
ومن أنكر من أهل البصرة فقد قتل أو صلب أو نفي أو عمي أو ظلم عليه حتى أقر ببيعة يزيد.
وأما أهل المدينة فقد كان مروان عاملا عليهم فسعى لبيعة يزيد وقال أهل المدينة: لا نبايع حتى يبايع عبد الله بن عمر، فكتب مروان إلى معاوية فأعطى معاوية مائة ألف درهم لعبد الله ابن عمر