(وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا). (1) وأجيب بأن مفاد الآية أنهم كانوا عالمين بالحق مستيقنين به، ومع ذلك لم يؤمنوا ولم يسلموا به ظلما وعلوا، وهذا نظير قوله سبحانه:
(فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به). (2) فالآية وما يشابهها تدل على أن المعرفة بوحدها ليست هي الإيمان المطلوب في الشريعة بل يحتاج إلى إذعان بالقلب، والجحود باللسان ونحوه كاشف عن عدم تحققه.
ومن هنا تبين بطلان قول من فسر الإيمان بالمعرفة فقط، وقد نسب إلى جهم ابن صفوان (المتوفى 128 ه) وإلى أبي الحسن الأشعري في أحد قوليه (3)، ونسبه شارح المواقف إلى بعض الفقهاء. (4) وذهب جمهور الأشاعرة إلى أن الإيمان هو التصديق بالجنان، قال صاحب المواقف:
" هو عندنا وعليه أكثر الأئمة كالقاضي والأستاذ التصديق للرسول فيما علم مجيئه به ضرورة، فتفصيلا فيما علم تفصيلا، وإجمالا فيما علم إجمالا ". (5) وقال التفتازاني بعد حكاية هذا المذهب: