ويرده أن المعيار في القضاء ليس هو التشابه الصوري، بل المعيار هو البواطن والعزائم، وإلا لوجب أن يكون السعي بين الصفا والمروة والطواف حول البيت شركا، لقيام المشركين به في الجاهلية، وهؤلاء المشركون كانوا يطلبون الشفاعة من الأوثان باعتقاد أنها آلهة أو أشياء فوض إليها أفعال الله سبحانه من المغفرة والشفاعة.
وأين هذا ممن طلب الشفاعة من الأنبياء والأولياء بما أنهم عباد الله الصالحون، فعطف هذا على ذلك جور في القضاء وعناد في الاستدلال.
3. إن طلب الشفاعة من الغير دعاء له ودعاء غيره سبحانه حرام، يقول سبحانه:
(فلا تدعوا مع الله أحدا). (1) ويرده أن مطلق دعاء الغير ليس محرما وهو واضح، وإنما الحرام منه ما يكون عبادة له بأن يعتقد الألوهية والربوبية في المدعو، والآية ناظرة إلى هذا القسم بقرينة قوله: (مع الله) أي بأن يكون دعاء الغير على وزان دعائه تعالى وفي مرتبته، ويدل عليه قوله سبحانه - حاكيا قولهم يوم القيامة -:
(تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين). (2) 4. إن طلب الشفاعة من الميت أمر باطل.
ويرده إن الإشكال ناجم من عدم التعرف على مقام الأولياء في كتاب الله الحكيم، وقد عرفت في الفصول السابقة إن القرآن يصرح بحياة جموع كثيرة من الشهداء، وغيرهم، ولو لم يكن للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)